شرعت الجهات المختصة بالأمس بغلق جسر  الجمهورية بشكل مفاجئ تحت ذريعة الصيانة ، فيما باشرت من جانب آخر باحكام غلق بوابة التشريع بالكتل الكونكريتية ، وكأنها تستعد لتأمين مداخل المنطقة الخضراء وتحصين مقترباتها لمواجهة أحداث مرتقبة.

على جسر الجمهورية تم تثبيت دعائم حديدية كتلك الموجودة على مدخل الجسر المعلق والتي تستند عليها بوابات فولاذية ممكن إغلاقها عند الضرورة ، فيما تداول ناشطون ومتابعون وقريبون من مصدر صنع القرار ان مايحدث هو خطوة استباقية لاستغلال مناسبة الزيارة الاربعينية وانشغال اغلب الجمهور بها لعقد جلسة برلمان خاطفة لتسمية رئيس الجمهورية تحضيراً لتكليف مرشح الإطار لمجلس الوزراء  وهو ان حصل فيمثل تحدياً كبيراً ليس فقط للتيار الصدري بل وللجمهور التشريني ، لأنه يعد كسر ارادات متعمداً وتجاهلاً للمطالب التي تدعو لحل البرلمان لثبوت انتهاكه للدستور وعدم احترامه له.

لقد اثبتت جميع التجارب السابقة ان التصلب وتحدي الارادة الشعبية الرافضة للغلو السياسي وتجاهل المطالب الحقة كرد فعل تجاه خرق الدستور وتجاوز القانون وعدم الوفاء بالتعهدات واليمين الدستوري ، لن تمر مرور الكرام ولن تثني الشعب عن استخدام حقه الدستوري بالرفض والاحتجاج والتظاهر وربما الانتفاضة والثورة الشعبية وتصاعد وتيرة الرفض ليصل الى مراحل خطرة مثلما حدث في الليلة الأخيرة من شهر آب وخسرنا في (بروفة) سريعة اكثر من خمسين شاباً وعشرات الجرحى وهو ما يجعلنا نحذر ونلفت نظر الجميع لما يترتب على المواقف غير المرنة من تداعيات خطيرة.

ما اسست عليه العملية السياسية من توافقية وتفاهمات وتسويات غالباً ما فرض على الجميع مراعاة جميع الآراء ، وتغليب الحوار للتوصل لاتخاذ قرارات ترضي الاطراف جميعاً ولعل ما يحدث اخيراً هو مختلف بشكل كبير عما كان يجري سابقاً ، فالصراع الذي وصل الى الصدام والتقاطعات الحادة ومحاولة التغالب لن يشير الى طمأنة لأن ردود الفعل المتوقعة لن تسر عدواً ولا صديقاً حيث الذهاب للمجهول ، اما التصرف بانفراد فهذا انتحار يؤدي الى انفجار لن توقفه بوابة على الجسر ولا كتل كونكريتية.