
![]() |
حين يقصر الدستور |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : ازعم اني من أكثر الصحفيين العراقيين انتقادا الى دور القضاء , وتحميله مسؤولية التقصير في اداء مهامه وسيره تحت ظلال شخصيات سياسية لتنفيذ مراميها الشخصية الطامعة حتى وصلت البلاد الى ما وصلت اليه اليوم, فالعجلة تسير بسرعة فائقة نحو التخريب. وازداد حنقي على القضاء بعد تسريبات نسبت الى نوري المالكي , ولم يبد القاضاء اي موقف يتناسب مع حجم الكوارث التي وردت في التسريبات, الامر دفعني للتواصل مع مجموعة من القضاة للاستفهام عن الاتهامات التي تطال القضاء , او للحديث عن المشهور والمشاع في قضية تقصير القضاء , لأكتشف ان الخلل دستوري حيث لا جزاء ولا عقوبة لمخالفين دستوريين , ولا قدرة للقضاء بابتداع عقوبة غير منصوص عليها . وفي مقاله الاخير يشير رئيس مجلس القضاء الاعلى فائق زيدان الى ان القضاء يجد نفسه عاجزا عن اداء دوره او الاضطلاع بمسؤولياته لمعالجة بعض الاحداث السياسية , بسبب عدم وجود نص دستوري يجيز للقضاء الحد من خروقات , وتجاوزات في سلطة اخرى. ويضيف زيدان : ان المادة 19/ثانيا تكبل القاضي في اتخاذ اي اجراء الا بنص دستوري حيث نصت المادة بشكل صريح : لا جريمة ولا عقوبة الا بنص دستوري. وتعاطف زيدان مع طلب حل البرلمان , بيد انه لا يملك نصا دستوريا يقدمه مقدم الطلب او الشكوى , وقال بصراحة ان وضع البرلمان لم يعد قانونيا , ومن قبله السلطة التنفيذية برئيسيها الجمهورية ومجلس الوزراء ايضا وجودهما بات غير دستوري , ولكن القضاء لا يمكن له ان يقاتل بيد جذاء. وهنا نتساءل : فما نحن فاعلون اذا كان اكبر طرف كنا نعتقد انه رأس التقصير , وان حال البلاد لا يصلح الا باصلاحه , اذا كان هذا الرأس لا يستطيع ان يحصل على الاوكسجين القانوني كي يتنفس؟ قال لي احد القضاة : القضاء في العراق يعاني من تدخل السلطة السياسية , باحزابها وشخصياتها , وان الجهود تسير حثيثا لتنظيف القضاء من تاثير التدخلات التي اضرت به خصوصا وبالعراق بشكل عام , لكن عملية التنظيف تلك ما زالت تعاني من كثير من المعوقات , فالشق كبير , والقوانين والفقرات الدستورية غير قادرة على ستر عورات الاخطاء المتتالية. والمثير بالامر ان هذا التقصير الدستوري يعد طوق نجاة للطبقة السياسية التي لا تجيد العيش الا بمساحة من الفوضى وتعتبر القوانين مجرد اشاعة اعلامية يتشبث بها قادتها بشكل صوري, وبالحقيقة انهم جميعا هم من يخترق الدستور , ولا يلتزم بالقوانين , وهم بلا شك اكثر الناس سعادة بهذا التقصير , وبعجز النص على دعم القضاء في الحد من الاختراقات. وبالتالي فان دستور العراق الذي تم سلقه تحت حراب الاحتلال بات هو المقصر الجديد , والذي يجب ان نقف ضد استمراره قائدا لعملية سياسية عرجاء لم تنجز الدولة بعد . اننا جميعا امام موقف جديد يجب ان نضطلع جميعا بمسؤولياتنا لتغيير الدستور المقصر , ويجب ان نضغط لتحسين حاله , كي يتحسن حالنا , وكما ضغط الشعب من اجل تغيير قانون الانتخابات , وتخلصنا من قانون سانت ليغو سيء الصيت , علينا جميعا ان نقف بوجه الدستور. ولكن المعضلة الاخرى هي , من سيضمن ان الطبقة السياسية ستلتزم بالدستور الجديد وهي لم تلتزم بالدستور القديم؟ تلك معضلة اخلاقية لن يستطيع حتى القضاء السيطرة عليها , فالتعامل مع المشاكسين في الوطن ليس كما هو التعامل مع المسؤولين في الوطن. |
المشـاهدات 291 تاريخ الإضافـة 12/09/2022 رقم المحتوى 15493 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |