الثلاثاء 2025/5/13 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غيوم متفرقة
بغداد 30.08 مئويـة
نيوز بار
التفرج عند العراقيين
التفرج عند العراقيين
69545.pdf - 21.3 MB
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب ا. د. جهاد كاظم العكيلي
النـص :

من الأمور الغريبة التي إنطبعت في نفوس العراقيين خلال العقدين الماضيين، هي التفرج او ما يُطلق عليه بالعامية (الفرجة)، إزاء ما يحدث لهم من مصاعب وويلات وظروف قاسبة أخرى، إذ صار الفرد ينظر لما يدور من حوله من أحداث مأساوية تهتك به وبالآخرين، ومنها على سبيل المثال الظلم او الحيف او كارثة تصيبهم جراء حوادث القتل او السرقة والإحتيال وغيرها الكثير من الظواهر المدانة ..إن هذه الظواهر دفعت بالفرد للأسف، أن يشعر بلذة الفرح والألم في آن واحد، حيث سبق للكاتب ديستويفسكي وإن نبه إليها حين أطلق عليها وصفه المعروف "الشعور باللذة اللاواعية"، أي الشعور بلذة (الفرجة) ومعاينة آلام الآخرين، وهي تخفي وراءها مزيج مُركب من الحزن والفرح ..وعندما ننظر للواقع وأحداثه، نجد أن هذا الشعور المُركب أصبح  كسلوك عند أغلببة الناس، يُصاحبه عدم الإكتراث لِما يحدث لهم بفعل عوامل داخلية او خارجية خلقت هذا السلوك الخفي عند الإنسان، ما أدى بالنتيجة إلى إضعاف المجتمع برمته وشتَّت قِيمهُ ومسؤوليته الوطنية والإنسانية على حساب المصلحة العامة ..  من هنا يُمكننا القول، أن التصرف على وفق هذا السلوك المُركب والتفرج على واقع يُغطيه  الفساد  المالي والقيمَّي وتدهور الواقع المعيشي، جعل من الجميع أن يجلسوا على منصة الشقاء بسب هذا الشعور، ذلك أن (الفرجة) التي توغلت في سلوكنا وزرعت فينا حالة من الحزن والفرح معا من دون أن نكترث لعواقبها وتأثيرها على مصائرنا ومستقبل حياتنا، مِما جعل منها أحد الأسباب الرئيسية لزرع الجمود في نفوسفنا وعدم الإكتراث بِما يحصل لشعورنا، كوننا نعتقد بإننا بعدين عن ذلك او غير متورطين بمشهد الحزن والألم الذي يكتنف نفوس الشعب، لكن الحقائق تشير إلى أن سلوك (الفرجة) هذا، هو عادة غير محمودة بل أرى أنها مذمومة لا تُساعد على بناء مجتمع سليم مُعافى يشعر بالمسؤلية المجتمعية لِما يحدث من تدهور معرفي وصحي وخدمي تؤذي الإنسان وتزعزع وجوده في محيطه الإجتماعي ..

المشـاهدات 516   تاريخ الإضافـة 05/11/2022   رقم المحتوى 15986
أضف تقييـم