الكتاب .. ذلك المجلد القيم الذي كان ولم يزل منذ بدء الخليقة .. أداة تعليم الاجيال .. رغم ظهور منافسيه الأقوياء له في الآونة الأخيرة (كالموبايل والحاسوب) والذان لولا الكتاب لما رأيا النور ولما ظهرا .. ومع ذلك بقي الكتاب قيصر محبيه وانيس عشاقه .. اارافد الحقيقي للمعلومة والجاد في نقل الفكرة .. ربيع القلوب .. جامع الكلم .. موثق الوقائع .. الصديق الذي يعطي ولا يأخذ ..ولا يبخل بما لديه من معلومة .. لا يعتذر ولا يكل متى طلبته وحيثما وجدته ..انه نعمة من نعم الله علينا "ن والقلم وما يسطرون (1)ما انت بنعمة ربك بمجنون (2)"القلم .. وفي الحديث الشريف :(قيدوا العلم بالكتابة) .. فالكتاب وريث الاجيال ..مرجع وملاذ وملجأ ومنقذ مما يتحيرون .. وها هو كتاب الله الكريم الذي تحدى به الله تعالى أمم .. حيث جاء فيه "قل لئن اجتمعت الأنس والجن على أن يأتون بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا" 88 /الاسراء .. وفي آية أخرى "قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا" 1.9 /الكهف .. الأمر الذي يعينا أهمية الكتاب .. كضرورة ملحة لتبصرة الفكر وانفتاح الافق على المستوى الثقافي والعلمي والتربوي الممنهج توعويا .. "ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين "2/البقرة .. ثم قال جل وعلا" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "9 /الحجر .. ذلك أن الكتاب رهين مؤلفه .. كما هو عرضة للتحريف والحذف والإضافة .. وفي ذلك امر خطير .. فمضامينه تعكس افكار كاتبه مصلحا كان او مفسدا .. فمن الوارد جدا أن يكون المؤلف ذو نزعة شريرة وبالعكس .. وهنا يمكن مبلغ الخطورة .. فليس كل كتاب يعول عليه .. مما يتطلب من القارئ ان يكون على مستوىً عالٍ من الفطنة والادراك والحذر مما يقرأ .. لذا قيل (قل لي ماذا تقرأ اقل لك من انت) للمفكر بلياردو لا غورس ..فمعرفة المرء من خلال قراءاته ..كما ورد عن الكاتب دوبوفير (اقرأ قليلا ولكن استوعب كل كلمة قرأتها) .. عليه بالإمكان القول ان أخطر مافي الزمان الكتاب) .. فهو يتعامل مع فكر الإنسان مباشرة .. وهذا سر خطورته .. اذا ما انطوت على القارئ سمومه الصفراء ومكائده المدسوسة والمحشورة ما بين السطور .. مما عدا بالائمة الأطهار (عليهم السلام) التأكيد على التحذير من هذا الأمر .. فورد عنهم (ان اعرضوا احاديثنا على القرآن الكريم فإن كانت مطابقة فخذوها والا فاضربوا بها عرض الحائط) ..عموما نحن الآن لسنا بصدد تبيان سلبيات الكتاب بقدر ما نحن بصدد ايجابياته .. فلعل كل شيءفي الوجود لا يخلو من سلبيات او نواقص ..(الا ما عصم ربي) .. فعلى الإنسان أن يتعامل مع الكتاب من المنظور الايجابي ووفق مديات ادراكاته .. فأنه غذاء للعقل كما هو الطعام غذاء للجسد .. ولا بأس في الاعادة والتكرار اذا ما تطلب ذلك لتجديد المعلومة .. خصوصاً اذا ما كانت نافعة .. وهذا أوليفر سميث يقول (عندما اقرأ كتابا للمرة الأولى أشعر أني قد كسبت صديقا جديدا .. وعندما اقرأه للمرة الثانية أشعر انني التقي صديقا قديما) .. وما اكثر ما قيل عن الكتاب .. الأمر الذي يضعنا على بينة ليست بخافية ..ان الكتاب هو انشودة بل وضالة العلماء والفقهاء والادباء والكتاب والشعراء والمفكرين .. وفي ذات الوفت هو جفوة الخاملين والبلداء والجهلة والكسالى والخائبين ومن على شاكلتهم .. "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون" 9/الزمر .. فالكتاب لمن يقرأه  ويتأمل معانيه .. ثم اننا لوتدبرنا اكثر .. لرأينا ان الله سبحانه وتعالى في بدء بعثته لعبده ورسوله (ص) قد امره بالقراءة .. فأوحى له بالقول (إقرأ باسم ربك الذي خلق (1)خلق الإنسان من علق (2)إقرأ وربك الأكرم (3)الذي علم بالقلم (4)علم الإنسان ما لم يعلم (5)"العلق .. وكذلك في آخر المطاف في يوم القيامة فإنه تعالى أيضا يأمر عبده بالقراءة فيقول له" إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا "14 /الاسراء .. مما بوحى إلينا ضرورة ملازمة الكتاب للإنسان من المهد الى اللحد .. بدلالة ملازمة الأنبياء والرسل لما بين يديهم من كتاب .. كصحف ابراهيم وزبور داود وتوراة موسى وانجيل عيسى وقرآن محمد (صلواة الله عليهم أجمعين)..