النـص : قبل شهرين اكملت عامي السبعين وهو عمر ليس بالقليل لما حملته الذاكرة فيه من اشياء ومواقف حياتية كثيرة وانا ومعي من هم بعمري قد شهدنا ان الدينار كان يكفي مصروف عائلة بكاملها يوميا وانه كان يساوي ٣دولار وثلاثين سنت وعليه يتم القياس لكننا اليوم نقف مذهولين لحجم الأموال المنهوبة نتيجة للفساد المالي والإداري واذا كانت ما اطلق عليها سرقة القرن قد احدثت صدمة لدى الكثير فأن المتابع للشأن العراقي ومشاكله يراها غير ذلك فهي في نظره واحدة من السرقات المعلنة للتغطية على سرقات أكبر غير معلنة وانا كمواطن عراقي لي تحفظي على الإجراءات المتحذة بحق منفذيها .ولكن لنرى كيف ان أموال العراق تنهب بشكل منظم لقد تأخر صرف رواتب الموظفين لهذا الشهر لاكتشاف فقط 300 الف موظف فضائي فلو حسبنا ان السراق يسيرون على مبدأ المثل الشعبي المصري القائل( لو سرقت اسرق جمل ) فإن هؤلاء الفضائيين لا يقبلون براتب اقل من مليون دينار وهو أضعف الايمان فإن رواتبهم لشهر واحد فقط تساوي 300 مليار شهريا ومجموع رواتبهم خلال سنة هو هذا الرقم مضروب في 12 مرة ويساوي فقط 3600 مليار دينار لا غيرها واذا كان هذا مجموع رواتب الفضائيين المكتشف خلال عام فإن في موضوع الذين يستلمون أكثر من راتبين والبالغ عددهم 250 الف شخص هو كارثة اخرى على اعتبار انهم يستلمون بأقل تقدير 3 رواتب وليس اكثر شهريا ولانهم بكل تأكيد من أصحاب الحضوة في الحكومات السابقة فإن عددهم يكون 750 الف بأقل تقدير ولو ضربنا هذا العدد بأقل راتب وهو مليون دينار شهريا لكان الراتب الشهري لهؤلاء 75 مليار دينار والسنوي فقط 9000 مليار دينار لا غير فلا عجب ان تكون مدارس ابنائنا بهذه الحالة المزرية والدوام فيها ثلاثي او رباعي ولاعجب ان تكون مداخل العاصمة بغداد بهذه الحالة السيئة و المخجلة لأننا بصراحة نتعرض شهريا إلى سرقة قرن بهذا الحجم ولأننا شعب منهوب من جميع الجهات جهارا نهارا دون خوف او خجل فليدينا حالات الانتحار متصاعدة وحالات الطلاق في تزايد وان اخر احصائية لوزارة العدل كانت 7 آلاف حالة خلال شهر تشرين الأول الماضي فقط .
ولقد قال الإمام علي عليه السلام (ما جاع فقير الا بما متع به غني) فأني ادعو السيد رئيس مجلس الوزراء لزيارة واحدا من مراكز تسجيل الرعاية الاجتماعية في بغداد وليرى بأم عينه كيف يقف فقراء الشعب ساعات طويلة في البرد وتحت المطر لكي يكملوا معاملة شمولهم بالرعاية الاجتماعية والتي أصبحت مذلة بحق كل عراقي لان السياسيين اليوم يتنعمون بالامتيازات والرواتب الفلكية والشعب يعيش الفاقة والعوز .
نعم نحن اليوم بحاجة الى ابي ذر الغفاري رضي الله عنه ليصرخ في وجوه السراق والفاسدين والفقراء قولته المعروفة
(كيف لا يخرج شاهرا سيفه من لم يجد قوت يومه)
فهل نرى صولة عزوم من السيد رئيس مجلس الوزراء على الفساد والفاسدين تثلج قلوب فقراء العراق وهم اليوم الغالبية.؟ أم ستكون غير ذلك.
|