سرعان ما تستهلك الشعارات وتغدو حروفاً معقوفة تطرز خشباً رخيصاً على حيطان لم تعد تمتلك اذاناً لتسترق السمع لآهات وأنات المعذبين والفقراء التي لم تعد دعاواهم تصل لمسامع صاحب الشأن والأمر ، كل ذلك بمجرد أن يجلس الحاكم على الكرسي وتستقر له أمور السلطة  فيضرب كل شعاراته بشسع نعله ويتنكر لوعوده بعد أن يسرقه بريق الملك وهيلمانه.

امران يدفعان الحاكم رئيساً او سلطاناً او ملكاً للتنصل عن وعوده وشعاراته التي اتخذها جسراً للوصول الى السلطة وقلوب الناس ليطمئنوا له ويثقوا بعزمه على الإيفاء بكل ما أطلقه او رفعه من شعارات وهو يسعى للفوز بمنصبه الأمر الأول هو التجاهل المتعمد لتنفيذ هذه الوعود او ما قدمه لطمأنة أبناء شعبه مما يعني وجود قصدية مع سبق إصرار وترصد على النكول بمواثيقه والاستخفاف بثقة الجمهور والقدرة على التملص والاحتيال والالتفاف على من يثق به من دون خشية أو خوف من المساءلة أو النقمة الشعبية التي قد تترتب على تجاهله هذا لأنه عقد العزم ومنذ الوهلة الأولى للخيانة والانقلاب على الوعود وفي هذه الحال لا يمكن التعويل على حاكم او مسؤول يخاتل ويتحايل وغير مؤتمن لاننا اسلمنا الأمانة لمن لا يستحقها.

الأمر الثاني وهو الأخطر يتعلق بعدم قدرة صاحب الشعارات وبعد جلوسه على كرسي الحكم ان يفي بوعوده لأنه غير قادر او يكتشف ان المعطيات المتوفرة له لا تتيح له تنفيذ ما قطعه على نفسه من مواثيق ، او انه ادرك بعد فوات الاوان ان من عاضده وساعده للوصول إلى الكرسي له محددات وخطوط حمر تمنعه من المضي بتحقيق ما ينتظره الشارع منه ، فيغدو عاجزاً ضعيفاً يغريه بهرج السلطة وزينتها فيتناسى مرغماً ما وعد به ويتجاهل باستحياء شعاراته فيجمع النكول والاحتيال والعجز جميعاً.

المقياس الذي يجمع درجة نجاح واخفاق اي مسؤول ، هو مقدار ما ينفذه من وعوده وبرامجه وعنترياته قبل التمكن من السلطة ، ولا يقبل منه اي مسوغ او عذر كالتي يسوقها كل المسؤولين الفاشلين مثل ورثة تركة ثقيلة والازمات كثيرة ومتعددة والمؤسسات ينخرها الفساد وعدم توفر الامكانيات وعدم وجود توافق سياسي لأن جميع هذه الأعذار موجودة ومعروفة قبل الفوز بالسلطة وعليه فلا عذر ولا تبرير يقنع الجمهور المراقب ، وعدم تطبيق الوعود هو إعلان فشل مسبق.