هذه المرة الأولى التي التقيه بها بعد التكليف وكنت قد التقيته قبل تكليفه برئاسة الوزراء بثلاثة أشهر ، إلا أنني في اللقاءين وجدته كما هو بذات الرؤية الواضحة والاصرار على النجاح في تنفيذ برنامجه الحكومي الذي اطلعنا عليه ، ليطمئن قلبي ان هذا الرجل هو ثقة العراقيين القادر على تغيير صورتهم النمطية عن منصب رئيس الحكومة بعد أن أساء اليه من سبقه .

ولم يكن محمد شياع السوداني الا ابن هذه الأرض المعطاء التي ترضع من يصدقها الحب والولاء (دهلتها) لتتشرب بشرته بالسمرة دليلاً على الانتماء ، وتضفي عليه إهاباً مشحا بالحزم والشجاعة ، هكذا انا قرأت ملامح السوداني وهو يتحدث الينا بلغة الواثق من خطواته وادائه وبلا رتوش ولا مجاملات ولا قفز على الحقائق ، فهو يعرف جيداً المسارات التي اعتمدها ليصل الى شاطئ الانجاز وهو يخوض في بحر التراكمات والارث الثقيل غير المنسجم ، جاهداً نفسه لتفكيك لفافة خيوط الارادات السياسية المتقاطعة ، رغم معرفتنا الجيدة بصعوبة المهمة والتحدي الكبير الذي يفرضه الواقع الا ان الرئيس السوداني نجح وهو يقلب ما طرحناه امامه من ملفات شائكة ويطلعنا على آلية وطرق معالجتها ، ليشيع في نفوسنا الطمأنينة ونحن الذين لا نقنع بسهولة.

ومثلما ادركنا دقة مفردات الرجل ، عرفنا وببداهة الحس الصحفي انه يجيد الاصغاء عندما شرع بالاستماع لنا ونحن نوجز ونشرح ونقترح وربما نطالب بما هو عام ينفع الجميع وما هو خاص لبعض منا ، فكانت الاستجابة والتأكيد والحرص على المتابعة لاسيما ما يتعلق بتنظيم عمل المؤسسات الاعلامية وخاصة الصحف التي تعاني من أزمة وضائقة مالية سببها اهمال الحكومات السابقة لمراعاة وتطبيق القانون والتعليمات وتسلل الطارئين والسماسرة للوسط الصحفي ، وكان لاهتمام الرئيس ورغبته في تذليل العقبات وتوفير الاجواء الصحفية لضمان التأسيس لاعلام وطني مهني وصحافة كفوءة قادرة على عكس الهوية الوطنية للعراق ، فلا اعلام هادف بدون مؤسسات اعلامية رصينة.

ختمنا زيارتنا في القصر الحكومي ويملؤنا الاطمئنان ان ما وعدنا به دولة الرئيس سيجد طريقه للتنفيذ ولن يبقى اسير ذاكرتنا ، لما تأكد لدينا من قناعات باتت راسخة ان رجلاً مثل محمد شياع السوداني قادر على قيادة سفينة حكومته ببراعة وحكمة تؤهلانه للنجاح.