الجمعة 2024/3/29 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 27.95 مئويـة
الفن المفاهيمي .. اختراق السائد بالتمرد الشكلي
الفن المفاهيمي .. اختراق السائد بالتمرد الشكلي
مسرح
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

بشرى داود

 

لقد كتب الكثير عن  سمات الفن المفاهيمي فالبعض اعتبره فنا. مختلفا ومتجاوزا لما هو سائد والبعض الاخر اعتبره خروجا على القواعد السائدة للفن الكلاسيكي والتزاماته وشروطه وما بين هذا وذاك كيف يمكننا ان ننظر الى ما ألت اليه محاولات. فناني هذا التيار وكيف ابتدأت   وهل استطاع الفنان المفاهيمي ان يرسخ هذا الاتجاه بما يجعله اضافة مميزة مع الاتجاهات التي اندمجت مع فنون الحداثة و ما بعدها التي ما زلنا  نتواصل مع  وقعها ومؤثراتها ونتعايش مع ما جاءت به من سمات وخصائص مختلفة ولمسات ابداعية كالسريالية. والتعبيرية والتجريدية ام  ان هذه التيارات عاصرت مرحلةمعينة  وانتهى عطائها؟ لقد تميز الفن المعاصر تحديداً على ماسبقه لاسيما في مجال الفنون التشكيلية اذ شكل باضافاته حالة من  التمرد على الواقع وخروجا على المعتاد لاسيما حين تحدث بعض المنعطفات التاريخية والمستجدات الاجتماعية التي تغير في سمات الواقع  وتخلخل ثقافته ورؤاه مما يستدعي اعادة بناء كيانه وفق انماط جديدة لاسيما حين يكون لها تأثير مباشرا  على الانسان  كالحروب والازمات  المختلفة والنقلات الصناعية والثورات التكنولوجية وصولا لما نحن فيه اليوم من ثورة رقمية هائلة .. ان هذه  التحولات  سرعان ما تنعكس  في التجارب الفنية حيث يحاول ان يستوعبها الفنان ويجسدها من خلال تعبيرات فنية متنوعة وهكذا تشكلت معظم التيارات والاتجاهات  بما فيها اسس الفن المفاهيمي (conceptual art)  الذي كانت نشأته في بداية ألقرن ألعشرين وترسخ حضوره بعد الحرب العالمية الثانية وظهر كمفهوم صريح حين تم اقامة اول معرض تحت هذا العنوان عام 1969 في مدينة ليفركوزن الالمانية وقد كان عبارة عن رسائل فنية محملة بمفاهيم  تكون احيانا غير واضحة لكن تختزن بمدلولات وافكار يؤكد عليها الفنان فيه على المضامين اكثر من اهتمامه بالشكل الفني.. لقد تأثر هذا ألفن بالعولمة.حيث إستفاد رواده من  التكنولوجيا بما تقدمه في حقول الفن المتنوعة .مما أعطى الفن ألمعاصر خصالا تتسم  بالتجديد و كذلك بما يفرز مفاهيم وسمات مختلفة يوما بعد آخر إبتداءا من الشكل واللون وفضاءات العرض وصولا الى العلاقة مع المتلقي لقد بات هذا الفن متنفسا للتعبير عن افكار  للفنان.لممارسة جنونهِ وميولاته المتقلبة وتمرده على كل ماهو قديم.اضافة الى كونه السبيل المتحرر للنقد بكل أنواعه.وممكن ان نعتبر  من الرواد الاوائل الذين استطاعوا وضع  اسس للفن المفاهيمي هو رائد الحركة الوحشية (ماتيس ) الذي اعطى اهمية للون والاثر ،وكذلك بيكاسو وبراك حيث انجز هؤلاء فناً جديدا لكشف الواقع العميق  بدلا من التركيز على الجانب المرئي ومن مميزات فنانوا هذا الاتجاه انهم قاطعو اللوحة والمتحف والمعرض ،باعتبارها رمزا للكلاسيكية ،وشعارهم هو (الفن إفعل ماتريد )اي انهم  جعلوا  هذا الفن  حالة تعبيرية وغرائبية مختلفة  لكنها مرتبطة بالحياة حيث اهتموا باشكال غير مألوفه بل تبدو عادية في الواقع كاستخدام الاشياء المنسية والمهملة  كالقمامة والنفايات قد يكون الفن المفاهيمي بسيطاً ولكنه عميقا في الفكرة حيث استند الفنان على الفكرة بدل العرض ،اي كسر الحدود بين القوالب الفنية والاتجاهات المحافظة وتوافق مع العصر بكل ما جلبه من متغيرات عبر  اعمال فنية استوعبت ذلك..ولو تأملنا بعضا من  اعمال رواد الفن  ا وفنانين كبار  تحضن اعمالهم كبريات المتاحف كلوحة مونيه او بيكاسو  او دالي واخرين  لا يسع المقال لذكرهم  ممن اضافوا للرسم قيما وجمالا  وخلت اعمالهم على مر الزمن .ولكن  بالمقابل نجد في زاوية اخرى لوحة بيضاء وضعت عليها موزة مربوطة بشريط لاصق .بالتاكيد هذا الفن فيه سخرية وغرابة واحيانا نجد في هذا المنحى اعمالا تفتقر الى مهارة الفنان ولكن يظل مجرد خروج على السائد  كما في عمل للفنان الايطالي (attelan).ونجد هناك عمل اخر حصل على شهرة لغرابة اختيار شكله  واصبح اليوم احد علامات الفن المفاهيمي وهو عمل النافورة او (المبولة)للفنانMarcel Duchamp.وضمن  هذا الاتجاه له عمل آخر يمثل عجلة وضعها على مقعد خشبي   يقول ديشامب ان الفن موجود حولنا وكان يؤمن بالتعامل الوثني مع الفن .يتبين لنا ان الفن المفاهيمي هو ثورة عن كل ماهو قديم وتمرد على الكنيسة والسلطة وكل ما يكبل حرية الانسان .اي انه شكل فني يركز على الشكل  كقيمة تداولية  وهنا يصبح دور  التلقي اهم من منتج الفنان اي موت الفنان وبقاء المتلقي وان هذا الفن ارتبط ارتباطا مباشر ابحركة المجتمعات واصبح العمل الفني فكري وليس صوري او شكلي كغيره من فنون مابعد الحداثة كفنPopartوPoorartوPost conceptual art…امام هذه التجارب وغيرها يبقى السؤال قائما هل تعتبر هذه الاتجاهات ذات قيمة فنية والداعية حقيقية ام مجرد  محاولات للتغير وانتقاد الواقع بصيغ وتعبيرات فنية لمن في النهاية يظل الفن الاصيل واللنتاح الابداعي الذي يمزج ما بين الفكر والجمال والوسيلة هو الاكثر خلودا ونجاعة.

المشـاهدات 354   تاريخ الإضافـة 21/03/2023   رقم المحتوى 17110
أضف تقييـم