أضيف بواسـطة addustor

لم تكتف أيام الشارقة المسرحية، التظاهرة الثقافية البارزة التي احتضنتها إمارة الشارقة مؤخرا، بالعروض المسرحية المنافسة على جوائز الأيام، بل أثارت قضايا فكرية هامة منها دور المسرح في حماية قضايا البيئة، حيث يعد سلاحا ثقافيا ناجعا في التوعية بخطورة مثل هذه القضايا.وتحت عنوان"المسرح والبيئة"، ناقش الملتقى الفكري الموازي لأيام الشارقة المسرحية عبر عرضه 7 أطروحات، والأفق المغاير للمسرح في تعاطيه مع منظومة البيئة وكيفية المحافظة عليها.وأسهم في هذه الملتقى الفكري كل من فهد الكغاط (المغرب)، دينا أمين (مصر)، جورج مطر (لبنان)، محمد شيحة (مصر)، علي محمد سعيد (السودان)، حسن يوسفي (المغرب )، وانتهت الأوراق البحثية مع الكاتب والباحث التونسي محمد المي، وبإدارة الفنان الإماراتي عبد الله مسعود.وأجمع المشاركون في هذا الملتقى على دور المسرح في نشر الوعي بالقضايا البيئية، ولفت انتباه سكان المنطقة العربية بخطورة التغيرات المناخية، وذلك عبر قدرة أب الفنون الهائلة في التواصل مع الجمهور وبأساليبه التعبيرية المتنوعة، حيث بوسعه تحفيز الجمهور على تبني سلوك بيئي إيجابي يحد من التلوث والتغير المناخي.

 

المسرح البيئي

 

أعادت أيام الشارقة المسرحية إلى دائرة الضوء، مفهوم المسرح البيئي من منطلق فكري وجدلي راوحت بالتركيز على دور المسرح البيئي في معالجة هذه القضايا من جهة، وبين المسرح الذي يعبر عن صوت بيئته وينقل واقعها ويناقشها أملا في تغيير مجتمعه نحو الأفضل، من جهة أخرى.وقال الكاتب والمخرج المسرحي السعودي سامي الجمعان، أحد ضيوف الأيام والمشاركين بالندوة في حديثه لـ "إرم نيوز"، إن "العلاقة بين المسرح والبيئة تتخذ مسارات عديدة، فهناك النص المعني بالبيئة، وهناك المادة المستخدمة فنيا من البيئة، وهناك قضايا البيئة وظواهرها، وهناك فضاءات البيئة التي يتم العرض فيها، وهنا علينا أولا تحديد إطار العلاقة بين الطرفين".وأضاف "لكن وبشكل عام جاءت ندوة المسرح والبيئة في مهرجان أيام الشارقة المسرحية، كمنصة لطرح هذه العلاقة وتشكيل توجهاتها".وأوضح "لقد قُدمت أوراق متعددة، انتهت إلى نتائج متنوعة، منها أن المسرح لم يتخلَ عن البيئة ومادتها طوال مسيرته، وأن البيئة قابلة لأن تصنع جدلا مع فن المسرح خاصة والفنون عامة، وفي الوقت نفسه هناك على المستوى المنهجي مسار منهج ظهر تحت عنوان النقد البيئي، يهتم بالنصوص الأدبية المشتغلة على نصوص البيئة عامة".وكانت ورقات الندوة قد تطرقت إلى العديد من الإشكاليات بدور المسرح في حماية البيئة، حيث رصد الباحث المغربي فهد عكاظ في مداخلته العلائق الممكنة بين الإنتاجات المسرحيَّة والمتطلبات البيئيَّة، محدّدًا أنماط المسرح البيئي (مسرح بيئي تعليمي، مسرح بيئي تحريضي، ومسرح بيئي جمالي)، وانتقل إلى الممارسات المسؤولة بيئيًا على المستويين الماكروبنيوي والميكروبنيوي، التي من شأن الفرق المسرحيَّة والمؤسسات المديرة لشؤون المسرح، الاهتمام والأخذ بها في السيرورات الإبداعيَّة، وصيغ إنتاج وتقديم العروض المسرحيَّة.وبدورها، ركزت الباحثة المصرية دينا أمين في ورقتها "مسرح البيئة والمسرح الملتزم"، على وجوب عمل المسرح البيئي عربيًا على مستويي نشر الوعي، والدعوة إلى النشاط التفاعلي على جميع المستويات.واقترحت إنتاج وتقديم المسرحيين لقصص تدور حول مواضيع الإساءة إلى الأرض، الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري وانبعاثات الغاز واستخدام البلاستيك، مشدّدة على انتفاء جدوى تقديم وعي اجتماعي دون اهتمام مزدوج بين منتج الفن ومتلقيه، ما يستدعي عمليَّة مستمرة من العصف الذهني الجماعي، ورسم مراكز الفكر المسرحيَّة مستقبل دور المسرح في القضايا البيئيَّة.وتوصل الباحث اللبناني جورج مطر إلى أنّه وسط التغيّر المناخي الذي تشهده الأرض وتداعياته الكارثيَّة على التوازن البيئي الحاضن لسلامة حياة الإنسان والعديد من الكائنات الحيَّة، تبرز جدوى المسرح بمختلف أشكاله وتقنياته، في الإسهام بإيقاف التدهور المناخي والتأسيس لحالة مواتية أمام الطبيعة لإعادة التوازن إلى نفسها، وسلوك درب التعافي.

 

رسائل هادفة

 

تفسر الأوساط الثقافية الحاجة إلى المسرح في التوعية بقضايا البيئة كونه عين المجتمع التي بوسعها أن تنقل صوته وصورته وتعري واقعه، لذلك يستطيع المسرح أن يؤثر إيجابا على قضايا البيئة لما له من تأثير ثقافي واجتماعي.كما بوسع المسرح أن يوجه رسائل هادفة تتعلق بالتوعية بالبيئية، وتمريرها إلى المتلقي حيث ستصل الرسالة في حال كان العمل والنص وأداء الممثلين في مستوى آمال الجمهور، وبالتالي سيسهم في تغيير القناعات والتوعية بمدى خطورة تغير المناخ، وسيقدم بذلك مثالا على الاستدامة المنشودة.وتؤكد الأوساط الثقافية على قدرة المسرح على لعب دور اجتماعي مؤثر، ما سينعكس على قضايا البيئة التي باتت هاجسا يؤرق المجتمع الدولي للتداعيات الخطيرة لتغير المناخ على مستقبل الكوكب وصحة الإنسان، بينما المنطقة العربية ما زالت بحاجة لمزيد من التوعوية في هذا الشأن.من جهته، أشار المسرحي الإماراتي عبد الله الشحي في حديثه ، إلى أنه "يتوجب على المسرح أن يتأثر ببيئته، حيث لا يوجد مسرح لا يتأثر بها، ولو نظرنا إلى البحرين على سبيل المثال فنرى أن أغلب مسرحياتها مرتبطة بالبحر".وبين "نتفق أو نختلف أو نحاول الابتعاد شيئا عن هذا المضمون، لكن المسرح مرتبط ارتباطا كليا بالبيئة الموجودة حوله كسائر دول العالم، حتى لو حاولنا أن نجرب في بعض الأعمال، ولكن 90% من أعمالنا هي من البيئة، ومن واقعنا الذي نعيشه من مشاكلنا من الصحراء والبحر وكل ما يحيط بنا".

 

المشـاهدات 498   تاريخ الإضافـة 28/03/2023 - 01:51   آخـر تحديـث 28/03/2024 - 23:59   رقم المحتوى 17627
جميـع الحقوق محفوظـة
© www.Addustor.com 2016