الخميس 2024/5/2 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 20.95 مئويـة
صناع المحتوى الرقمي من نظرية التلقي الى سوسيولوجيا الاستخدام
صناع المحتوى الرقمي من نظرية التلقي الى سوسيولوجيا الاستخدام
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. حسين الانصاري
النـص :

تبقى الاهمية قائمة بل ضرورية جدا لد اسة فئات المتلقين للرسائل الاعلامية المختلفة وذلك لمعرفة انماط الجمهور وانواع المشاهدة  وما الاتجاهات المعتمدة في ذلك وماهي النتائج والاهداف المرجوة جراء عملية التلقي برمتها

واذا كانت مضامين نظرية التلقي تركز على  كفاءة الجمهور  وتقسمه الى فئات وفقا الى قدراتهم في التحليل وانتاج المعنى  المحايث عبر القراءة والفهم وصولا الى التأويل و اعادة انتاج المعنى  ومنح الاعتبار الى المتلقي بعد ان اعتبرته شريكا  اساسبا مع المؤلف ومرسلي الخطاب حتى لحظة تلقيه والتي تعد المرحلة الاخيرة التي يتحقق فيها الخطاب بكل اشكاله سواء اكان مسموعا او مكتوبا او مرئيا

لكن اليوم وفي ظل سلطة الهيمنة المعلوماتية وانتشار الثقافة الرقمية واتساع الاستخدام  من خلال منظور تلقي جديد يركز  على حالة الاستخدام والاشباعات وليس من منظور تحليلي. نقدي  يقود الى التأويل وانتاج المعنى بقدر الانغماس في عملية استخدام  النص والاندماج فيه ولو اردنا ان نقييم واقع التلقي اليوم لما يستقبله الجمهور الذي بات يستخدم الوسائل الاتصالية الجديدة بتنوع اشكالها ومنصاتها الالكترونية وما يسفر عنها من رسائل متنوعة وكم من التلقي الذي بات يحسب بعدد مرات المتابعة والمشاهدة وليس من زاوية التحليلوالاستيعاب  والتقييم النقدي والتأويل اثر حضور  الجمهور كطرف مهم في الانتاج الدلالي ، وتشير العديد من الدراسات الحديثة التي  رصدت المتغيرات  التي جاءت بها الثورة التقنية الحديثة وما فرضته  البيئة الرقمية من سطوة على مختلف فئات الجمهور والتي صنعت  واقعها الجديد بل جعلت الملايين منهم  ينتقل بحكم التفاعلية التي وفرتها العدة التتكولوجية من حالة الاستهلاك الى حالة الاستخدام حيث بات الجمهور يعيش  وسط امواج المد  الالكتروني الهائل ويعاني من فيض معلوماتي كبير جدا وما توفره البرامج والانظمة وتالطبيقات ووسائطيات لا حصر لها  جعلته يدمن العيش في البيئة الافتراضية عبر الاستخدام والممارسة التي تتطلب اتقان للعدة المدياتيكية وبالتالي القدرة على الانتقال الى مستوى  اثبات الحالةالتواصلية و التفاعلية والانتاج الذاتي وهنا يصبح عامل الاستخدام هو الشرط  الاساس في التعامل مع الثقافة الرقمية والكفاءة في توظيف امكاناتها للتواصل وانتاج رسائل جديدة بغض النظر عن مستوى مضامينها ، لان الاختلاف الذي حصل في مفهوم سوسيولوجيا الاستخدام عما كان سائدا في نظرية التلقي والذي ابرز   ما يمكن وصفه بمفهوم التملك النابع من تفرد المستخدم بمستوى قدرته في التعامل الفكري والتقني مع الوسيلة الاتصالية الالكترونية التي بات بامكانه استخدامها  في مختلف الامكنة والاوقات سواء بالبيت والمدرسة والمقهًى  والنادي والسيارة واي مكان اخر يتواجد فيه، وهنا بات مفهوم التلقي مختلفا عما هدفت اليه نظرية التلقي من خلال دراسة العلاقة التي تنشأ بين النص والجمهور من زوايا. ثقافية وسياسية وانثربولوحية وادراكية تهدف الى بناء الذات والهوية الجماعية اوالخصوصية الفردية بينما تحول المفهوم في الاتجاه الجديد الى حالة تملك تقني وتجاري وهذا ما غير الاهداف ودفع بالكثير من المستخدمين الى تسخير هذه العدة التقنية في انتاج رسائل لا تهتم بالمحتوى الراقي  قدر ان تعرض ما يمكنه ان تنقله عدسات الكاميرا المثبته على الحامل او المتحركة بواسطة اصابع المستخدم لتسجل وقائع واحداث يومية عابرة بل تافهه في احيان كثيرة  ولم يعد الكثير من صناع المحتوى الرقمي يخجلون  من نشر هذا الغسيل اليومي الذي بات يشكل حالة من الفضلات  الالكترونية التي تستقطب فئات عادية من الجمهور وتتلاعب بساعات متابعة كثيرة من اوقاتهم  وتستقطب اعدادا خرافية تجاوزت ملايين الملايين ، هذه الرسائل لا تحمل اية قيمة فكرية او ابداعية لاصحابها سواء انها تنقل واقعا لحالات مثل التسوق او شراء لسلعة ما او عمل طبخة مستهلكة او القيام بتحضير مادة من مزج عدة مواد او عرض زيارة لمكان او لاصدقاء  وغيرها من البرامج التي لا تضيف اي جديد باستثناء القليل الذي ينفرد بخطابه ومستوى وعيه للواقع بما يحمله من معلومات مفيدة للمتلقين

في خضم هذا التنافس المحموم في استخدام تقنيات ووسائط  الاتصال الاجتماعية بات على المواقع الالكترونية امثال غوغول وفيسبوك ويتيوب وانستغرام وتك توك وغيرها الكثير وكذلك المعنيين سواء في وسائل الاعلام المختلفة او المراكز التوعوية والمختصين في شؤون الدراسات الاتصالية في الجامعات ومراكز البحوث وغيرها الى ضرورة القيام بحملات واسعة لمواجهة هذا المد الاستخدامي الذي بات ينشر رسائل التفاهة والجهل والتضليل ويعمم ثقافة الاستهلاك الرخيص واستغلال التقنيات لاغراض الربح  خلافا لما يمكن ان يستثمر من امكانات كبيرة لصالح الانسان وهو يحيا زمن الثقافة الرقمية ومدياتها التي الغت عاملي الزمان والمكان وقدراتها التفاعلية والتأثيرية على الفرد والمجتمع

المشـاهدات 399   تاريخ الإضافـة 06/05/2023   رقم المحتوى 20373
أضف تقييـم