
![]() |
قصة قصيرة نافذة الحياة |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : زهراء علي نوري
أسأل نفسي-كالعادة- لمَ دائماً أجواء الشتاء تُشعرني بالهدوء والراحة النفسية ؟ لمَ تفرح الناس وتستمتع بهذه الأجواء ، على الرغم من قساوتها واضطرابها أحيانا ؟ عندما سمعت خرير المطر الذي جاء بغزارة هذه المرّة قلت: لأفتح النافذة وأستنشق رائحة الأرض بعدما تُقبلها قطرات المطر بعد اشتياقٍ ،لكنني رأيتُ من نافذتي الصغيرة امورا ادهشتني كثيرا وأصابتني بالصميم ، رأيتُ أطفالاً يجلسون تحت شجرة منكسرة الأغصان خوفاً من رشقات المطر ! لكن هذه الشجرة لها قصة فهؤلاء الأطفال مشردين يحتمون من حرّ الصيف بظلها المنعش ، وفي برد الشتاء يجلسون تحت اوراقها عسى أن تعوضهم عن حضن الأم الدافئ ولكن من دون جدوى! ثم رأيت عجوزا يمشي على عكاز لم يرتدي الكثير من الثياب وقد بلله المطر بكثافة ، وأعتقد أنه يتمنى لو أن هذا العكاز الذي يتكيء عليه صار بساطا سحريا يأخذه الى بيته ومن ثم يجد المصباح السحري فيرجوه ان يخرج له المارد لكي يتمنى أمنيته الأخيرة بأن تعود زوجته فهو قبل سنوات كان يتمتع بهذه الأجواء معها ومع اولاده الذين طردوه من المنزل بعد موت أمهم! ثم رأيت أم تحمل بيدها اليسرى رضيعها وتسنده بيدها اليمنى ، وتغطيه بملابسها لتهديء من صراخه من شدة البرد ، كانت تتذكر ريّعان شبابها مع زوجها الذي أهلكته حرب الايمان مع الكفر حفاظاً على سلامة بلاده، و في داخلها صوت يقول : ليتني مُتُ ياولدي قبل أن أراك تصرخ من البرد! تمنيت لو أنني صرت بيتا لهؤلاء الأطفال المتشردين .. أو أنني كنت بساطا أو ماردا لهذا العجوز اليائس.. أو أنني ذهبت الى الحرب بدلاً من زوج تلك المرأة المفجوعة ،فالهدوء الذي كنت اتوقعه كان ظاهريا فقط لأن بداخل كل أحدٍ من هؤلاء الاشخاص الذين صادفتهم عاصفة من الحزن واليأس . لكنني لم أستطع أن اقدم لهم ولو الجزء القليل من المساعدة ، فانا لستُ سوى طفل معاق ينظر من نافذة محطمة يجهل أو يتحاشى النظر منها أغلب الناس ، فهي (نافذة الحياة).
|
المشـاهدات 32 تاريخ الإضافـة 23/05/2023 رقم المحتوى 21812 |