ثائر القيسي

*للمسرح كما للفلسفة خط مشترك من التشفير والايهام غالبا ما يعكسان وجودية مغايرة لمرسلات الدراما والنظرية ليقتربا من مضامين الواقع لكن بالأفول المحرك لإثارة الاسئلة الملحة لدى المتلقي ومن هذه البوابة تنفذ الفكرة إلى بيت العنكبوت بعسرة مقترحية مراد منها وضع خارطة طريق دهليزية للنفاذ إلى المعالجة النهائية بغية منح المسرح في فلسفته مساحة من التطبيق وفق المسكوت عنه ..

فكرة العرض :تتجلى فكرة العرض المسرحي (عزرائيل) طبقا للعنوان في حقيقة الموت أزاء الحياة ..الغياب أزاء  الوجود..حين أنكب المخرج أسامة السلطان لتجسيد درامات نص الكاتب مثال غازي وفق تشكيل غرائبي لشخصية ملك الموت في رحلته لاغتيال الحياة في صورة إمرأة ومحاولة عزرائيل الذي كنه المخرج السلطاني بشخصنة افتراضية وتدريمها على نسق من التشائم المغرق بالوجوم الذي عكس دافعية عزرائيل على اختطاف الحياة من جسد المرأة وضمن سلسلة محاولات على أرضية من الصراعات اوضحها بشكل جلي الحوار بين شخصية ملك الموت وشخصية المرأة وهي تحاول بقوة رفض دعوتها له من أجل الرحيل معه وكأن بالكاتب مثال غازي قد احكم نصه منذ البدأ على إضفاء الطابع الوحشي على ملك الموت مع ملامح الخوف والرعب الباديان على المرأة حتى أن المكان بعناصر السينوغرافيا كان يوحي بأجواء مشحونة بالمخاوف تماما كالاجواء التي تحيط بالمرء قبل أن ينتزع عزرائيل الحياة من أعماقه ربما احاسيس ومشاعر مختلفة تساور لحظات ماقبل الأنفاس الأخيرة وشيئا فشيئا تحدث بين الملك والمرأة تحولات سلوكية تنم عن تبادل بالحوار على نحو أهدأ مما بدأ به وهذه نقطة التحول بالذات أحدثت اندهاشة في احساس المتلقي حين بدأ يستوعب ماهية شخصية الملك وعلاقته بالحياة وليس مثلبة لأن يفهم المتلقي طبيعة هذه العلاقة المتحولة من أجواء الخوف إلى حيث الرومانسية والاسترخاء إثر كل ما جسده التقابل الثنائي بين الشخصيتين من سجال مرعب حين كانت رغبة الحياة تقاوم رغبة الموت ..

الاداء بوصفه دراما الشخوص :يبقى الأداء التمثيلي لعبة اخراجية محض حين يوصل المخرج طرفي المعادلة بين شخوصه حين يستلزم منهما الالتزام بوصايا مخرجهم  لتقديم أداء يرسل مفاهيم العرض وفق المساحات المتاحة وشكل ما إتفق عليه من تحركات يتطلبها الأداء الدرامي افقيا وعموديا تحت مؤثرات فضاء مسرحي معبر عن لعبة الضوء ومساقطه وكذلك مؤثرات الصوت الموسيقي الباعث على المحفز النفسي لشخوص العرض غير إن الاداء الثنائي بين الفنان جاسم محمد في ادائه لشخصية عزرائيل المفترضة وشخصية المرأة الحياة التي أدتها الفنانة بشرى اسماعيل بمصاحبة مجموعة الشباب الذين تداخلوا في بعض مشاهد العرض لتجسيدات مختلفة وكانوا بحق بإنضباطية عالية وإيقاع متماسك ليعبروا عن تشكلان بصرية مع كل متغير لأداء شخصيتي العرض اللذين عملا بإحترافية كبيرة بما يمتلكانه من خبرات تراكمية كونهما شاركا في أعمال مسرحية عديدة ..

المعالجة في مألوفيتها الجمالية : تندرج افكار النص للكاتب تحت تأثير منظومة من الرؤى الاخراجية للمخرج وكل له قصديته في تحديد مسارات العرض إلى ما يعدانه معالجة فكرية تمنح المتلقين مقصديهما من تسخير فكرة الموت بإفتراض شخوصي لسحب المرأة الحياة إلى حيث منفاه لكن المرأة في سموها الإنساني استدارت بالصراع لاغية في أعماق الموت رغباته المحمومة لتضعه في قلب يرنو بنبضه الايقاع حياتي يتراقص على كتف الامل عبر ولادة قصة حب شفيفة بين نقيضين ليعلنا تأكيد ثيمة أن الحياة هبة الله للبشر ولا يمكن أن يفرط الإنسان بما النعمه الله عليه لكي تبقى أرادة الحياة منتصرة على كل مشاعر التشائم والطاقات السلبية المعيقة لرغبة البقاء أحياء وحسبي أن تعاون مؤلف النص ومخرجه وممثلوه قد نجحوا في المعالجة ليخرجوننا من صالة العرض فرحين لاأقول بالنهاية بل في بداية جديدة للحياة ..يعد عرض (عزرائيل) من عروض دائرة السينما والمسرح قسم إدارة المسارح وضمن الموسم المسرحي للفرقة الوطنية للتمثيل للعام ٢٠٢٣ مكان العرض /مسرح الرشيد/بغداد .