
![]() |
نافذة من المهجر مسلسل الموت المجاني الذي لا ينتهي |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : من أصعب اللحظات في حياتي تلك التي اتلقى فيها أنباء حزينة من الوطن، وخصوصاً تلك الأنباء التي تتحدث عن ضحايا أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم يعيشون في بلد، مع الأسف، يشهد الأزمات الناجمة عن مسببات تتعلق أولاً بإهمال جانب مهم من جوانب حياتنا وهو تأمين الطوارئ وشروط السلامة والأمان في كل مكان يضم تجمعات أو يشهد مناسبات، وهذا هو الذي حصل في الحمدانية مؤخراً، حيث نشوب حريق في قاعة للأعراس والمناسبات، راح ضحيته عشرات الأبرياء، وتقول الأنباء ان عدداً كبيراً منهم فارق الحياة بسبب الاختناق، فالحريق شب أثر استخدام نوع من الألعاب النارية، أدّت إلى اشتعال سقف القاعة ووقوعه على المتواجدين فيها , ومحاولة الهروب شهدت تزاحماً على الباب الوحيد للقاعة الأمر الذي سبب الاختناق، وبالتالي حدوث الكارثة المؤلمة في تفاصيلها وعدد ضحاياها ... ان هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها , ولن تكون الأخيرة حتماً , لأننا مع شديد الأسف تعوّدنا دائماً أن نشهد الإجراءات ومقترحات الحلول لتجنّب مثل هذه الحوادث المخيف بعد فوات الأوان , وما أن تمضي عليها الأيام حتى توضع في درج الإهمال والنسيان , ويعود تهديد وقوع الكوارث محتملاً في كل لحظة , ولا أريد هنا تعداد الكوارث التي حصلت وهي شبيهة لكارثة الحمدانية , لأن الحديث عنها موجع مؤلم يذكّرنا بعشرات الضحايا الأبرياء الذين لاقوا حتفهم , وكيف وعدت الجهات المختصة بعد كل حادث أن تأخذ احتياطاتها كي لا تتكرر هذه الفجائع على أبناء الشعب الصابر المبتلى بالمصائب والكوارث والإهمال والتقصير المتعمد من قبل الجهات المعنية .. لا أريد هنا أن أبدو ناصحة أو واعظة , على الرغم من الألم الذي يجتاحني وأنا أستعيد تفاصيل ما حدث في القاعة وكيف تحوّل الفرح برمشة عين إلى موتٍ وهلع وفزع وأحزان , لكنني أتساءل عن طبيعة القاعة ومواد بنائها أولاً , وعن منح الموافقات الخاصة بإنشائها وإجازة عملها كقاعة للاحتفالات والأعراس دون فحص محتوياتها ومواد السلامة والطوارئ والدفاع المدني الخاصة بها , أم ترى اللجان التي خرجت للكشف عن صلاحيتها , ترى في هذه الأمور احترازات روتينية وهي شكلية لا أكثر ! نعم هناك من يستهتر بهذه الإجراءات , ويتساهل فيها على أساس أنه لا يريد تعقيد معاملة ما , أو أن يقف بوجه شخص يحاول الاستفادة من مشروع معيّن , هذا إن لم يكن في هذه التسهيلات رشاوى وفساد وبالتالي يؤدي إلى هذا الموت المجاني لضحايا أبرياء , جاؤوا ليخففوا عن أعباء الحياة بفسحة فرح ومرح في قاعة ظنوها آمنة , لكنها غدت عليهم جحيماً مرعباً . لا نريد من الجهات المعنية أن تصرّح لنا تصريحات عريضة , تذكّرنا بتصريحات سابقة , ولا نريد لجم غضب الناس واحتجاج الرأي العام بالإعلانات المهدئة عن إجراءات وعقوبات ولجان تحقيق تبدأ ولا تنتهي , فقد عادت هذه اللواحق الإعلامية معروفة واضحة لدى الجميع , وأظن حرائق المستشفيات وبعض العمارات والأحداث المماثلة لا يمكن أن تنسى بسهولة لأنها عمّقت جراح أبناء الوطن وتركت في جبين الإنسانية خدوشاً لا يمكن أن تُمحى , ولذلك أطالب , وأدعو كل الأصوات الحرة الشريفة بوضع حدّ للاستهتار بحيوات الناس ومصائرهم , ووضع الحلول الرادعة لمنع تكرار مثل هذه الكوارث , وأن لا يتم التساهل أبدا في إجراءات السلامة والدفاع المدني وتوفر أبواب الطوارئ في كل مبنى وقاعة , وأن لا تمنح إجازات هذه المرافق العامة لأناس يبحثون عن الربح المادي السريع على حساب مصير الناس وحياتهم , وإلا ستتكرر هذه المأساة مرات عديدة , وسيموت الأبرياء الذين لا ذنب لهم ... ولا يسعني في الختام سوى أن أقول الرحمة والمغفرة وجنان الخلد الواسعة لجميع الضحايا الأبرياء , والشفاء العاجل بإذن الله تعالى لجميع المصابين والجرحى , وليحفظ الله تعالى أبناء وطني العزيز ويبعد عنهم كل شرّ ومكروه . |
المشـاهدات 219 تاريخ الإضافـة 29/09/2023 رقم المحتوى 29975 |