الجمعة 2024/3/29 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 25.95 مئويـة
تـــراث عــراقــي اصـيــل المقاهي الشعبية  في البصرة مدارس حكمة وزاد تربوي  وتواصل حي بين الحاضر والماضي
تـــراث عــراقــي اصـيــل المقاهي الشعبية  في البصرة مدارس حكمة وزاد تربوي  وتواصل حي بين الحاضر والماضي
الرجع القريب
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

هذا مدخلٌ من الزمن المر، ذلك الزمن الذي كنا نقضي فيه - نحن أدباء المدينة - جل أوقاتنا في المقهى الشعبي، وإن توزّعنا ما بين مقاهي المدينة فأننا اشتركنا برتابة أيامنا وتشابهها، شؤمها وآمالها.. وتشترك كل المقاهي التي جلسنا فيها بذات المفردات، فثمة زاوية بعيدة عن أنظار العامة، نلتم فيها تحت سطوة دخان السجائر، ورائحة الشاي، نتجاذب أطراف الحديث عن أسماء لم يكن عامة الناس على علم بها، ادغار ألن بو، سارتر، فاليري، بيكت، برنادشو، آرثر رامبو.. وهذا الأخير يذكرني بحديث مع احدهم، والظاهر انه كان يستمع لمشادة بين زميلين عن (رامبو) وما كان على ذاك المتطفل الا أن صاح بنا (يا إخوان سألوني آنا عن رامبو بس كولولي يا جزء؟) ويقصد بأجزاء الفلم الأمريكي الذي يجسد بطولته سلفستر ستالون بدور رامبو.. وما كان على هذين الزميلين الا أن يستمرا بالضحك حتى كدنا نتأكد بأنهما قد استنفدا كل ضحكهما!! هذا المشهد وضعنا أمام أنفسنا، في ذلك الزمان الصعب، حين كان الناس لاهين بقوتهم وقوت عيالهم وكانوا يسموننا نحن الحاملين كتباً وحافظات كتب بـ(البطرانين)، عرفنا حينها أن العالم الذي كان يعيش فيه الأديب هو أبعد ما يكون عن هذا العالم الصغير الذي ما كان يشكّل إلا وعاءً لاحتواء أمانينا وهمومنا..لاالمهم، شكّل المقهى نقطة واضحة في ذاكرتنا وذاكرة أبناء المدينة.. ولنأخذكم معنا في جولة قصيرة عبر زمن البصرة لنقلّب أوراق مقاهيها بعمّالها وروّادها.. وكل ما جاء هنا من معلومات أخذناها عن لسان ناس عاشوا تلك الفترة واحتفظوا بها في رؤوسهم التي ما تزال تشعر بالحنين اليها:

مقهى التجار:في منطقة العشار وفي سوق التجار شيّدت هذه المقهى في فترة الثلاثينيات من القرن الماضي وأخذت اسمها من اسم السوق الذي كان ملتقى لتجار البصرة وقد كان روادها من الشخصيات المعروفة في لواء البصرة آنذاك ومنهم (عبد الكريم الخضيري وعبد النبي الشمخاني والحاج سليمان الذكير وعبد القادر باشا أعيان والحاج إبراهيم البجاري وإبراهيم الحاج عيسى والحاج عيسى محمد صالح والحاج محمود فخر الدين وهاشم النقيب وغيرهم من الشخصيات والتجار) وذكر لنا الحاج جاسم عبود عبد الكريم ابن صاحب المقهى أن مزايدات كانت تجرى في المقهى ما بين التجار على التمور خلال الموسم وتتم الصفقات بينهم ومن الأشخاص الذين عملوا في مقهى التجار نذكر (كريم العجلاج وسعد البغدادي وعبود عبد الكريم) وفي فترة التسعينيات من القرن الماضي انتقلت المقهى الى موقع آخر قرب الضريبة القديمة في منطقة الصالحية وكان يرتادها آنذاك عدد من الوجهاء نذكر منهم (الحاج سالم العبادي والشيخ لعيبي حنظل والشيخ عبود التميمي والسيد كاظم البطاط والسيد إسماعيل الجابري والشيخ غازي بن محمد العريبي) حيث كان يعمل بها (جاسم عبود عبد الكريم وهاشم عبد الكريم) وكان يرتادها أيضاً عدد من الأدباء والصحفيين. المقهى تحولت في بداية هذا القرن الى اسم آخر وسميت (مقهى المجالس العربية) حتى بيعها وغلقها عام 2003.

مقهى أم السباع:أسسها المرحوم الحاج ناجي المعروف (أبو العشر) عام 1933 وتعتبر من أقدم مقاهي البصرة وتقع في منطقة البصرة القديمة، سميت المقهى بهذا الاسم كون بوابتها تحتوي على تمثالين لأسدين، وقد كان يرتادها كثير من الفنانين والأدباء نذكر منهم المرحوم المطرب الكويتي (عوض دوخي) والمرحوم الدكتور (عبد الوهاب لطفي) وكان المرحوم السيد صبري أفندي (أمين صندوق البصرة) أو كما تقول كلمات الأغنية التراثية (صندوق أمين البصرة) من المدمنين على الجلوس في هذا المقهى ولساعات طويلة وحدثنا السيد (صبيح جعفر حسن) وهو واحد من أصحاب المقهى بأنه كان منتدياً أدبياً وثقافياً ومن عمالها المرحوم (عبد الوهاب أبو الشوربة) الذي كان عضواً في حزب الاستقلال ويحرض الناس ضد الاستعمار والدفاع عن فلسطين وقد أدخلت الى المقهى لعبة البليارد لأول مرة في البصرة بعد ان كانت تقدم النارجيلة ولعبة الدومينو والمقهى معروف على نطاق عربي وعالمي وترد له الرسائل من الذين سبق وإن زاروها من جميع دول العالم كما كتب عنها في الكثير من الصحف والمجلات المحلية والعربية مثل (المتفرج والفكاهة وألف باء والعربي) وكان من روادها أيضاً المرحوم المؤرخ (حامد البازي) واللاعب الدولي توفيق حسين في لعبة كمال الأجسام واللاعب الدولي قاسم خشم في كرة القدم والمصارع محمد بهلوان وقد تعرض المقهى لقذائف المدفعية خلال حرب الثمانينيات ولمرتين وأما الذين عملوا فيها (عبد الوهاب ابو الشوربة عام 1933 وكاظم العاني عام 1946 وحسن هزاع عام 1955 وخليل سلوم عام 1958 وحسين أبو علي عام 1963 والحاج جعفر حسين عام 1967).

مقهى طارش:أسست عام 1940 وموقعها في منطقة أم البروم وكانت ملتقى لأهالي العمارة كونها قريبة من كراج بصرة- عمارة وكان صوتا حضيري أبو عزيز وداخل حسن ينبعثان من غرامافون المقهى عبر اسطواناتهما وفي حديث سابق لنا مع صاحب المقهى (طارش سهل مطر) منذ ستة أعوام قال (في نهاية الستينيات كان يرتادها (تومان) الشخصية الطريفة في مدينة البصرة والذي يعزف الناي بأنفه ومؤسسها هو الحاج حبيب الملاك وقد عمل فيها منذ ذلك الحين مجيد مشيمش وانتقلت بنايتها عام 1974 الى جوار سينما الكرنك والتي هدمت قبل حرب 2003 في العراق.

المشـاهدات 1426   تاريخ الإضافـة 20/11/2019   رقم المحتوى 3203
أضف تقييـم