الخميس 2024/10/24 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 20.95 مئويـة
سرد روائي جديد وتقنية عالية في السيطرة على أحداث الرواية دراسة نقدية لرواية " القمصلة الحمراء" لعبد علي اليوسفي
سرد روائي جديد وتقنية عالية في السيطرة على أحداث الرواية دراسة نقدية لرواية " القمصلة الحمراء" لعبد علي اليوسفي
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

قراءة / احمد البياتي

(القمصلة الحمراء) رواية للكاتب عبد علي اليوسفي صدرت عن دار العرب للطبع والتوزيع – سوريا / دمشق  ، وهي من القطع المتوسط جاءت بـ (108) صفحات وتضمنت (9) فصول .في هذه الرواية لمست تغييراً جذرياً ومهماً في بنية السارد والشخوص الروائية بالاتجاه الذي يؤسس عالماً منفتحاً على زمن سردي مختلف وحكايات وبناءات مكانية متنوعة بأتجاه التشكيل الجمالي والمتعة الجمالية.تمكن الكاتب عبد علي اليوسفي ان يوظف الوقائع بالشكل الذي ينقلنا الى وقائع خيالية في رحلة معاكسة توظف الوقائع بأتجاه الخيال الى احداث روائية يستطيع المتلقي ادراك تحقيقها في الواقع المعاش مما شاهده او سمعه او عاشه ليجدها قد تحولت الى احداث خيالية من خلال تحققها في المتن السردي وفيها ايضاً ميلاد سرد روائي جديد ومختلف ومتنوع في تقنيته ومنفتح على اتجاهات متعددة بالشكل الذي يعزز الهوية الروائية العراقية.اللافت للنظر في هذه الرواية ان الشخصيات تتحرك بحيوية واستقلالية كون فعل السرد داخلها لا يعتمد على نمط واحد ولذلك نرى تداخل بنى السرد عبر ذهن السارد المركزي .فالرواية الجيدة هي التي تكون زاخرة بالتنوع والمعرفة بالاشياء والظواهر المعالجة في النصوص، الشخصيات تتداخل من حيث العمق والتطابق والممارسة في الحياة اليومية ضمن ذاكرتها بحيث تمكن السارد ان يعكس افكاره من خلال تحقق مشاهد مبنية على اساس تحكم الجملة وهذا فيه اشارة الى استقرارها خلال فترة متباعدة وهي تؤشر وقائع تاريخية ملخصة بالاتجاه الذي يكرس هيمنتها واستمرارها في التأثير في المكان الروائي وتأثيثه في كل مشهد حيث يختلط فيه الواقع بالخيال.تلونت الرواية بالاطياف والفضاءات والمطاوعة والتلقائية من خلال الانثيالات التي  جسدها السارد عبر اللقطات والمشاهد ما اضفى على الرواية الحيوية والروائي يعتمد على المخيلة السردية في عكس الصور المتداخلة المتخيلة والمتفاعلة من خلال العلاقات القائمة في النص الروائي عند الراوي تشير الى انه يدفع المخيال السردي نحو تفعيل اسس المكان وحراكه والزمان وتقلباته حيث وفر للمكان المتخيل حيزاً واستطاع ان يفعله بما يوازن بين بناء الشخصية والمكان بحيث اعطى كثيراً من التماثل وحقق من خلاله سمة الحاضنة التي اخذ فيها الامور بمنطق البساطة الروائية بين الشخصيات في الواقع والنص من خلال بنية داخلية شكلت مركزاً مهماً في الحوارات الفكرية.فضاء الرواية متسماً بالتكثيف الفني والجمالي لذا فقد ذهب الكاتب الى عالم يؤسس عليه عالماً اخر ويقدم من خلال قناعته ازاء الواقع وسط تناقض مرحلي ليصل الى قراره النهائي في الصياغة.. تعمد الكاتب المزج بين ثنائيتين في بناء روايته هذه من خلال شبكة من العلاقات السردية المكشوفة التي يصارح بها قرائه فلقد ايقظ ضغط الاحداث للرواية النزوع الواقعي الذي اوجده في تمثيل ما يحدث من مآسي فردية وجمعية اوجد لها الفرصة لعودة التصوير الواقعي بأسلوب يهدف الى ايصال الفكرة بعناية سردية ومن المهارات الواضحة في هذا العمل هو التداعيات والاسترجاع للماضي التي جسدها من حيث البعد التاريخي للشخصيات الذين ادخل خصوصياتهم في العمل كي لا يظل مجرد اشارات جامدة وانما جعلها تتحرك بحرية في مركز السرد واطاره والتركيز على الحبكة وتتمثل لمظاهر مختلفة تلبست الحالة العراقية لأسباب اجتماعية وسياسية حيث يمكن تلمس انعكاساتها السردية من خلال النسج والصورة الواضحة للعيان في اللغة السردية. والكاتب بنى روايته على احداث مختلفة بالتقاط وتطويرها بالمخيلة.الرواية حكاية تعتمد السرد بما فيه من وصف وحوار وصراع بين الشخصيات وما ينطوي عليه ذلك من تأزم وجدل وتغذية الاحداث ، والفن الروائي فن صعب يحتاج الى تقنية فنية معينة لاتتأتى الا عن طريق المتابعة والاطلاع المستمر ، فهو ليس حكاية تحكى كتلك الحكايات التي كثيرا ماتروى . وان كتابة الرواية تحتاج الى وعي ورؤية وقدرة على التغيير مع ثقافة عامة شاملة ومتأصلة لتوليد كل ذلك ، والروائي تقع على عاتقه مسؤولية اجتماعية جسيمة الا وهي تغيير التقاليد البالية وخلق قيم وتقاليد جديدة تماشي روح العصر وتعمل على بناء مجتمع معافى ، هذه الرواية تحتاج الى صبر عند القارىء لانها تصل الى درجة من درجات التصعيد (الأحداث) ،والكاتب عبد علي اليوسفي كتب بلغة خاصة عن اهم التفاصيل الدقيقة لسنين صعبة عاشها المجتمع في زمن بائس وقاس ، ولا بد له ان يسجل اهم اللحظات وادقها وكأنه يصورها بالالوان تارة وبالاسود والابيض تارة اخرى ، كانت ذاكرته متحفزة ومتقدة جدا في تصوير المشاهد بدقة عالية لما يعيشه الانسان من حالة مأساوية وخصوصا في مجتمعنا ، كما ان الكاتب في هذه الرواية التزم بحرفية الفن الروائي وبقي في اطار اعماق الواقع والاشياء التي تدور حوله كاشفا عن العلاقات الخفية التي تتحكم بمصير الانسان وتقييد حركته ، كما ان المعالجة عنده ليست سكونية وانما هي تحريك العقل عند المتلقي وادخاله في حدود العمل الفني ، لمست ايضا ان الحوارات والصور تتشابك في كتابة فنية تنم عن ان الكاتب اثناء السرد كان لايغفل شاردة او واردة للفوز بذاكرة قوية مما اعطى عمقا للسرد وقوة في تصوير الحدث ، ففي كل حدث الفيته يقدم لنا الدهشة والمتعة والابهار كونه ينتقل من حدث الى آخر ويرسم خيطا رفيعا يربط به الاحداث .

 

 

 

المشـاهدات 318   تاريخ الإضافـة 19/11/2023   رقم المحتوى 33587
أضف تقييـم