الإثنين 2024/4/29 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 29.95 مئويـة
مدننا القديمة كنوز تاريخيّة لا نعي قيمتها؟
مدننا القديمة كنوز تاريخيّة لا نعي قيمتها؟
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. حسين الأنصاري
النـص :

تشير الدراسات الآثارية  إلى أن أولى المدن قد نشأت في بلاد الرافدين ولعل مدينة اوروك تشكل الأقدم  من بينها إذ يعود تاريخها إلى نحو. 4500 ق.م ومن اجل حماية المدن القديمة  من هجمات الاعداء فقد تم تحصينها  بالأسوار ولعل من  اقدم المدن المسورة هي مدينة اريدو القريبة من أوروك ويعود وجودها إلى 2900  ق. م وثمة مدن اخرى تنافسها بالقدم  وبناء الأسوار مثل جبيل وأريحا ودمشق وحلب  والقدس وصيدا  وانيانغ الصينية وأثينا وأرجوس في اليونان وغيرها من المدن التي استوطنها البشر سواء في بلاد الأناضول  او في مصر القديمة  ومدن المايا. إلى جانب المدن اليونانية والرومانية ، ولعل مدينة بابل  قد اتخذت شهرة كبيرة بين المدن القديمة وذات الأسوار العالية التي بناها الملك حمورابي  1792ق.م وارتبطت شهرتها حتى اليوم لورود ذكرها في الكتاب المقدس لأكثر من مرة وبعبارات مختلفة  لكنها كانت من اشهر المدن انذاك لما تميزت به من منجزات  جعلت منها مركزا عظيما  فقد شهدت تطورا كبيرا  في مجالات  كثيرة فهي أول مدينة تتقن فن صناعة الزجاج (نحو 1500 ق.م) وهي التي طورت كثيرًا من الفنون والعلوم كعلم الفلك والتنجيم والفيزياء المبكرة والرياضيات  إضافة إلى ريادتها في القانون والآداب والعمارة والنحت. ناهيك عن الإنجازات الأخرى التي تحققت في هذه المدينة كوجود  المعابد والأبراج والمسارح والأبواب  والرسوم والمسابقات والطقوس التي  قادت إلى بناء مجتمع متحضر وحياة  مزدهرة في شتى المجالات ، نسوق هذه المقدمة ونحن نرى اليوم ان كثيرا من  شعوب العالم قد ادركت القيمة الحضارية والثقافية لمدنها القديمة التي تعكس بمجمل تكوينها  سواء  ذلك الذي ما يزال قائما  على هيئة آثار مادية او  نصوص وملاحم وافكار  وقوانين وغير ذلك ، فراحًوا يهتمون بكل جزء منها ويحرصون على إدامة ما تبقى منها ليكون شاهدا على حضارة وانجاز  كل شعب عبر فترات زمنية شكلت نسغ ذاكرتهم وأمدّتهم بدوافع الاستمرار  وقوة التواصل بل ان البعض قد استحوذ على آثار الغير كما حصل  لآثار بلدنا التي نهبت آبان الحروب والاحتلالات او هربت من قبل بعثات التنقيب او لصوص الآثار  وهكذا نجد اليوم الكثير من آثارنا تتصدر واجهات المتاحف العالمية كما في متحف بيرغامون. في برلين او في المتحف البريطاني بلندن او في اللوفر بباريس وغيرها من المتاحف العالمية، لكن الامر المستغرب جدا  ورغم ان مدننا تتوفر على تراث عمراني كبير  يشكل كنوزا آثارية. وحضارية فكل مدن العراق توجد بها هذه الآثار  القديمة بتفاوت عصورها  وأشكالها لكن للأسف الشديد لم تجد تلك الكنوز من يعتني بها. فلفها الاهمال  وطواها الزمن  والبعض منها قد تم تهديمه  وحلت بدلا عنها أبنية حديثة وظفت لأغراض تجارية ومصالح ربحية ذاتية دون ادنى تفكير بالأبعاد التاريخية والحضارية للوطن،  فمتى يعى اصحاب القرار ان العراق من الممكن ان يصبح بلدا متطورا ومزدهرا يشكل مركز جذب عالمي للسياحة والاطلاع لما يمتلكه من امتداد تاريخي وحضارات متتالية وآثار عظيمة تبين عراقة هذه الارض وتواصل شعبها مع الحياة والعمل والإنجاز المستمر للبشرية جمعاء.

المشـاهدات 203   تاريخ الإضافـة 08/12/2023   رقم المحتوى 34934
أضف تقييـم