الأحد 2024/4/28 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 28.95 مئويـة
القدس ... عاصمة الصراع الأبدي
القدس ... عاصمة الصراع الأبدي
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 بونيف وفاء

"كل من يدخل القدس يحمل معه سيفا وكتابا مقدسا "

 منذ زمن بعيد لم تخلو سماء القدس من دخان خيول الفرسان الغازية؛ الباحثة عن السلام في أرض لم تعرف يوما السلام.

سماء القدس السابعة رواية للكاتب الفلسطيني أسامة العيسة الحائز على جائزة الشيخ زايد للكتاب عن فئة الأدب سنة 2015.

سماء القدس السابعة هي ملحمة مكانية، شخّص الكاتب من خلالها أنين أماكن تاريخية  تعرضت للأذى البشري ولا ذنب لها سوى أنّها مقدسة.

كافل الولد الفلسطيني الّذي يسير في شوارع القدس رفقة أبيه الفدائي، يتعرف على أسوار القدس ومساجدها، شوراعها والكنائس الّتي بنيت فيها، يروي الفدائي لابنه تاريخ كل مكان ويريه ٱثار كل مستعمر ومعمر مرّ بهاته الأرض الطاهرة. يكبر كافل وقد فقد والديه يختار طريق الهجرة ويعود مع ابنه ليجد فلسطين على ماهي عليه؛ بلد استقر بها احتلال جديد بدأ بنسج الأكاذيب الدينية فكانت النكبة وتوالت النكسات الوطنية على فلسطين منذ بدأ هذا الكيان بنسج ألاعيبه الدولية الماكرة.

كل شخصيات الرواية تتحدث بطريقة الرواي العليم الّذي يسرد حقائق تاريخية معينة، مع وجود بعض الأحداث اليومية الّتي تقع في بلد محتل؛ من هدم للبيوت واعتقالات وتدمير لقيم المجتمع مستغلين بذلك التنوع الشرائعي داخله. ذلك التنوع الذي صنع في زمن ما انتصارات أمة ولكنه بات اليوم سببا في تأجيج صراع أيديولوجي مُقيت بين أبناء الشريعة الواحدة تارة وبين أبناء الشرائع المختلفة تارة أخرى. كمثال حي متدوال عبر الأجيال تبقى حكاية السّلم الّذي شهد خلاف الطوائف المسيحية مثالا حيا عن الثغرة الكبيرة الّتي سهلت على المحتل ترسيخ أعمدته داخل هذا الوطن. أما عن المسلمين فإنّ انشغالهم بحياة بعضهم الشخصية( حكاية السبع) جعل من القضايا الحقيقية في نظرهم تثقل كاهلهم، وأصبحوا يتعاطّون معها ببرودة كلما مرّ الوقت.

أظهر الكاتب الدور الريادي الّذي لعبته المرأة على مدى حقب الاحتلال المتتالية، فكانت الأم الّتي ترّسخ للثوابت الدينية ( أم كافل) ،وكانت المحاربة الّتي تبحث عن مفتاحها داخل أرض تعددت مفاتيحها( مريم التشادية)، وكانت هي  الباحثة وسط الأحزاب السياسية عن الحرية المطلقة لشعب فلسطين (لور).

تعيدنا حوارات الرواية دائما إلى الجدل التاريخي القائم عن حقيقة تواجد اليهود في فلسطين؛ فكتب عن يهود اليمن الّذين لم يكن  تواجدهم كطائفة تتعبد وتشارك في بناء الوطن سببا في أيّ مشكلة سياسية أو دينية، وأنّ أغلبهم تعرض للتهجير والسلب كغيره، بسبب رفضه لفكرة التصهين الّتي قادتها عصابات الهاجاناه في البداية ثم دعمتها المنظمات الدولية ثانيا، لتحصل على حق غيرها عبر الإعلام ثالثا. أما عن العرب فإنّ الفساد الداخلي والأطماع السياسية قيّدتا الحكام وكانتا سبب في إخماد ثوارت الشعوب، وهنا يشير الكاتب على لسان "أبي كافل" أنّه إذا كان على الأجيال القادمة مواجهة هذا العدو الأخطوبوطي فعليها أن تقرأ التاريخ والفلسفة، وأن تعرف تاريخ أرضها شبرا شبرا؛ لأنّ السلاح وحده سيفشل أمام كيان يعمل جاهدا لاثبات تواجده فكريا، وسياسيا وحتى اجتماعيا.

رواية تعيد ترتيب الأحداث والوقائع، وتشير إلى مواطن الضعف والقوة في بلادنا العربية، كما أنّها تصحح المسارات المغلوطة الّتي رسمتها القوى الكبرى، وتضيئ المناطق المعتمة من تاريخ الأرض المقدسة.

العمل توثيقي مهم جدا أنصف رجال القدس بمختلف توجهاتهم الدينية ووضع حدا للتزوير الذي كان سببا في عمليات بحث  وحفريات في أماكن مقدسة. رواية الماضي الذي يعرفنا بفلسطيننا، والحاضر الّذي يزيح الستار عن الألاعيب السياسية الّتي تحاك ضدّ قدسنا، أما عن مستقبل أقصانا فهو ما يكرره الزمن في كل مرة. لا بقاء لمحتل على أرضنا.( لكنها القدس قدس الكعنانيين الفلسطينين، وقدس الأولياء الطاهرين، وقدس الأنبياء أجمعين، ولا قدس للمحتلين، ولا قدس للغزاة، ولا قدس للاستعمار، ولنا قدسنا ولنا زواياها المقدسة من كنائس ومساجد وأضرحة وأسوار، ومقامات وأسواق وأبواب وسراديب وٱبار وقباب...

المشـاهدات 518   تاريخ الإضافـة 26/12/2023   رقم المحتوى 36265
أضف تقييـم