الثلاثاء 2024/4/30 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غائم
بغداد 28.95 مئويـة
الشعوب بين الحقيقة والعقاب!
الشعوب بين الحقيقة والعقاب!
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب أ.د.جهاد كاظم
النـص :

منذ القِدم والإنسان يواجه الحياة بطرقٍ شتى من إجل البقاء والعيش بأمن وسلام على مدى تعاقب العصور والأزمنة، ودائما ما كان هناك من يُشىرع ويَسن القوانين لتنظيم حياة الإنسان، ويحدد له وما عليه من حقوق وواجبات .. وفي سِياق معنى الحقوق والواجبات هذا، يتم بناء الأمم والشعوب بناءاً سِليما مُعافى حتى تزدهر الحياة، وليعش فيها الناس مُتساوون فيما بينهم ومتحابون وهم، يرون بأم أعينهم، كيف أن رفاهيتهم هذه قد أصبحت حقيقة ماثلة على الأرض، ومن دون أن يلجأ أحدهم إلى إعتماد وسائل غير قانونية، ومنها على سبيل المثال أساليب المكر والخداع والتحايل، لقتل الإنسانية، وبالتالي قتل الحقيقة التي لا تخدم العدالة الإنسانية في شيئ على الإطلاق! .. غير أن واقع الحال على الأرض، يؤشر لنا أن الكثير من الأنظمة السياسية تعمل بخلاف ذلك، ما يؤدي لتشويه الحقيقة أو تغيبها، بل وقتلها في معظم الأحيان! .. ولكن كيف يحدث هذا!..ولا غرابة في أن نُجيب بالقول، أن الأنظمة السياسية التي تقوم بالتفرد بالسلطة والسيطرة على المال العام ونهبه بشكل مُنظم لا يمت بصلة للحقيقة التي يُفترض أن يتساوى في ظلها الناس بالحقوق والواجبات للعيش بأمن وسلام، كما أن ذلك يحدث حتى في الكثير من الأنظمة السياسية التي تدعي، أنها أنظمة ديمقراطية، ولها مؤسسات دستورية بسلطات ثلاث! .. وهذا ما يُفسر لنا، كيف أن مفاهيم الحياة قد تغيرَّت لدى الكثير من الشعوب، ليس فقط في طبيعة الأنظمة السياسية المُتفردة أو التي تدعي الديمقراطية وتُدير شؤون الناس وتمشية أحوالهم العامة والخاصة، فعلى سبيل المثال نجد أن هناك دولا غنية بثرواتها ومواردها المالية لكن الفقر والجوع ونقص الخدمات أو شُحها لطالما يسحق الناس بل ويطحنهم طحنا في معظم الأحيان، فعلى سبيل المثال دولة مورتنيا التي تُعد إحدى الدول الغنية بالثروات المعدنية والزراعية والثروة السمكية، وكذا الحال بالنسبة لدولة السودان التي تمتلك من الثروات والموارد ما يفوق العد والحصر نجد، أن شعبيهما يُعانيان الفاقة والعوز والحرمان، ولطالما نجد شعبيهما  يتسائل عن ماهية وأسباب هدر ثرواتهما وتبذير المال الناتج عنها طلبا لحقيقة ما يجري!..  وسوريا الدولة التي يموت شعبها بصمت الآن وهي، التي كانت الدولة العربية الوحيدة التي تتمتع بإقتصاد قوي مُتعدد الأركان، والدولة غير المطلوبة ماديا لأي من الدول الأخرى بفضل إقصادها المتين هذا، والعراق الدولة الأغنى في العالم لا يزال شعبه يعيش تحت ظروف قاسية، حيث الفساد والسرقة أصبحا مُستشريان رغم محاولات الإصلاح المُتعثر، وصار الإنسان في العراق الغني مُشوها في فهمة لحقيقة ما يجري في الحياة وما يدور من حوله، بل وأخذ يجري وراء أوهام لطالما تُطلق بخلاف الحقيقة ظنا منه أنه، أن أهدافه ستتحق في يوما ما بالكذب وتزييف الحقائق وتشويهها بل والمُبالغة في تطبيق القانون! .. لقد أكد الكثير من فلاسفة الأدب وعُلماء الإجتماع أن، قول الحقيقة، ما هو إلا ضرب من ضروب المثالية المُفرطة، وما قول الحقيقة هذا إلا نوع من أنواع العقاب الذي يبعد الناس عنها بدلا من أن يُقربهم إليها، حتى أن الشعوب صارت، للأسف، تُحب وتكافئ من يجيد فن تخديرهم بالأوهام!.. بعد أن غرس هؤلاء في نفوسهم حالة من حالات اليأس والحرمان، تماما كما يقول الفيلسوف الألماني فريدربك نيتشه، إن البشرية لا تُعاقب إلا من يقول الحقيقة!..

 

 

المشـاهدات 115   تاريخ الإضافـة 10/02/2024   رقم المحتوى 39350
أضف تقييـم