النـص : تكررت حالات الاعتداء على رجال المرور في العراق أخرها قبل أيام حينما أقدم أحد المواطنين على دهس شرطي المرور بأحد تقاطعات العاصمة بغداد مما جعل الأخير يتشبث بظهر المركبة، وقبلها حالة مماثلة في بغداد أيضاً حينما أقدم صاحب تكسي على الفعل نفسه فحاول دهس شرطي المرور حتى أستطاع مواطنون إيقاف صاحب التكسي، كما أظهر فيديو نشر على وسائل التواصل الاجتماعي اعتداء امرأة مع شقيقها بضرب رجل المرور في بغداد وسبه وشتمه ومحاولة الاعتداء عليه بـ (البلوك)، وتمزيق سجل الغرامات، كما اعتدت امرأتين على ضابط في المرور في منطقة الحارثية ببغداد وغيرها من حالات الاعتداء هذه على مَنْ يعمل لخدمة الناس، ويتحمل حر الصيف وبرد الشتاء لتنظيم حركة المرور في شوارع محدودة وقليلة جداً لا تتناسب مع الكم الهائل من السيارات، فيعمل تحت هذا الضغط للحفاظ على القانون والنظام، وحفظ حياة الناس من الحوادث، فيُجازى بالاعتداء عليه، إن الاعتداء على رجال المرور تصرف قبيح يعكس حالة الطغيان عند بعض الناس من خلال الاستهانة بحياة رجل المرور وكرامته، فمن يقدم على دهس رجل المرور يعرض حياة الأخير للخطر ويجعلها على المحك، كما أن سب وشتم وضرب رجل المرور يعد استهانة بكرامته كإنسان قبل أن يكون موظف يؤدي واجبه ووظيفته، فرجل المرور هو إنسان له عائلة وزوجة وأبناء وهو محترم أمامهم وله قيمة وكرامة عندهم، فكيف تكون صورته أمامهم وهم يرون التطاول عليه، والاعتداء على كرامته وإهانته، وسبه وشتمه أمام أنظار الناس ومسامعهم، ولا سيما أن وسائل التواصل الاجتماعي نقلت هذه الاعتداءات من خلال المقاطع الفيديوية التي وثقت هذا الاعتداء أو ذاك، فللأسف الشديد يوجد بعض الناس وهم قلة قد أصابهم الطغيان بسبب المال أو الجاه أو النفوذ أو السلطة التي يتمتعون بها، فيستغلونها أو يستغلها أحد أقربائهم أو ذويهم أو ممن تربطهم علاقات بهذا المسؤول أو ذاك فتراهم يتطاولون ويعتدون ويتجاوزون على الآخرين وكأن الناس عبيد عندهم، وما حالة المرأتين التين أقدمتها على ضرب رائد المرور بالأحذية والنعال، وتهجمتا عليه بأقذار عبارات السب والشتم، وقامت احداهما بتمزيق رتبته العسكرية وقميصه أمام أعين الناس وأنظارهم فهذه الحالة وأمثالها نموذج حي على ذلك، كما ان الاعتداء على رجال المرور قد يكون سببه هو الاستهانة بالقانون وعدم الخوف من العقوبات التي يفرضها على كل متعدي ومتجاوز على موظف أثناء تأدية واجباته الوظيفية، مع أن هذا العمل يشكل جريمة يعاقب عليها القانون، فجريمة الاعتداء على رجل المرور أمام أعين الناس تعتبر جريمة مشهودة تجيز لكل رجال الشرطة والأمن الحاضرين أثناء الاعتداء القاء القبض على الجاني مباشرة دون أمر قضائي، باعتبار رجال الشرطة من أعضاء الضبط القضائي، لذا فمن يقدم على الاعتداء على رجل المرور الذي يؤدي واجبه قد لا يتصور العقوبات التي فرضها القانون على المعتدي والمتجاوز على موظف أثناء تأدية عمله، لذا يقدم على هذا الاعتداء ولا يتصور خطورة العمل الذي يقوم به، فيكفي أن نعلم أن عقوبة التهديد والإهانة لرجل المرور مثلاً كما أشارت إليه المادة 38 من قانون المرور رقم 8 لسنة 2019 هو الحبس ثلاثة أشهر في حين تكون العقوبة الحبس بمدة لا تزيد على السنة في حالة الاعتداء على رجل المرور أثناء الواجب، وتكون العقوبة الحبس الشديد إذا حصل من جراء الاعتداء أثر أو جرح أو تمزيق الملابس الرسمية، وعقوبة الحبس الشديد وفق المادة 88 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل تتراوح من 3 سنوات إلى 5 سنوات، كما أن لمحكمة الموضوع أن تأمر بسحب إجازة السوق من المحكوم عليه ومنعه من القيادة لمدة لا تقل عن 3 أشهر ولا تزيد على سنة واحدة وفقاً لأحكام المادة 39 من قانون المرور النافذ، فتكرار حالات الاعتداء على رجال المرور سببها الاستهانة بحياة هذا الإنسان وكرامته، وعدم الخوف من العقوبات التي يفرضها القانون على المعتدي والمتجاوز، لذا لا بد أن تتظافر جميع الجهود من أجل تسليط الضوء على خطورة هذ الاعتداءات، وتثقيف الناس بالعقوبات التي تنتظر المعتدي من خلال المحاضرات والندوات والإرشادات التوعوية التي يجب أن تقوم بها المؤسسات التعليمية والدينية والثقافية والإعلامية في البلد لتشكيل الوعي عند جميع الناس بخطورة هذه الأعمال، كونها تعيق تطبيق القانون، وتعكس صورة غير حضارية للفرد العراقي.
|