السبت 2024/4/27 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 28.95 مئويـة
أنسنة الاشياء و انسيابية لغة السرد في قصص ( نساء وحكايا ) للقاص عقيل اكرام ..
أنسنة الاشياء و انسيابية لغة السرد في قصص ( نساء وحكايا ) للقاص عقيل اكرام ..
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

احمد الثائر

 

 

بلغة مطواعة كأنها صلصال يشكل بها القاص عقيل اكرام قصص مجموعته القصصية المعنونة ( نساء وحكايا) .. فهو عبر قصص المجموعة الـ ( 36) يجعل القارئ مشدودا الى لغته السردية التي تتدفق بلا تكلف عبر انسيابية كأنه كتبها بلغة شفافة ، نادرا ما تجد اداة وصل مثل  ( الذي ، التي... ) وغيرها من ادوات الوصل ، وهناك قصص في المجموعة تخلو تماما من هذه الادوات ، ما يؤكد ان قاموسه الشخصي غزير وعميق ، فضلاً عن  ، تعامله مع الأشياء باهتمام مغاير للمتعارف عليه ، مثل الموجودات الجامدة او الساكنة التي نتعامل معها بشكل يومي مثل قصة ( غرفة النوم  ) و( فلس) ( اشارة المرور)..وفي قصة ( على شاكلته ) تناول  (المصعد) ويصف طاعته ومواصلته العمل بلا تذمر او ملل ، ولا يعامله كجماد ينفذ الاوامر فقط / اصعد / يصعد/ انزل بي ايها المصعد فينزل ، قف ولا تتحرك يطيع الاوامر بلا تذمر ..، هو اسمى من ان يكون مجرد عبد خانعا خاضعا لقدرتي ( ص44) ، هنا يشعرنا القاص بأن الاشياء لديها احاسيس ..يتعامل معها كما يتعامل بيكاسو مع  المهمل والمتروك في لوحاته ، فهو يبحث في المهمل من حياتنا حيث نتعامل يوميا مع اشياء جامدة ومتحركة في آن واحد فالمصعد  جماد مثل اي وسيلة صنعها الانسان لتسهل عليه من بعض احتياجاته ـــ براغماتية  الانسان لا تقابلها براغماتية الاشياء ــ ومن قراءتي للقصص التي ضمتها (نساء وحكايا) وجدت ان القصص بعيدة عن الهدر في المفردات حيث يكتب عنوانات قصصه بمفردة واحدة او اثنتين لا اكثر ( فلس، اقنعة ، خاتم ، شقراوات، تأريخ ... ) والملاحظ ايضا انه ينكر غالبية قصصه فمن بين ( 36) قصة كانت ( 15) قصة منكرة العناوين وهذا يفتح الباب للقارئ ليدخل الى المتن ليعرف  التفاصيل ، بلغته المائية السلسة والعميقة البعيدة عن المباشرة وكذلك  البعيدة عن التعمية ليصل القاص عقيل اكرام بالقارئ الى مناطق تلامس حياته ـ حياة القارئ ـ بما فيها من افراح ومآسٍ وعذابات وايام يلفّها السواد في ازمنة يستحيل حذفها من الذاكرة ، تمتاز قصص مجموعة ( نساء وحكايا) بكونها لا تخاطب مشاعر الانسان  فقط بل تخاطب عقله ايضاً فهي لا تحرّك الذاكرة فقط  انما تشير الى ما عاشه الانسان من فواجع بعيدا عن اي مرجعية سياسية او ايديولوجيا معينة تؤطر اعماله لهذا انطلقت قصصه الى آفاق رحبة ، لذا عمل القاص ( اركولوجياً) في البحث بأعماق شخوصه ولامس وعاش المشاعر والظلم الذي عاشته شخوص اعماله السردية ، وفي قصته المعنونة ( اقنعة) نقرأ مشهداً يمكننا قراءته عمودياً  وكذلك افقياً في آن واحد في فترة سلطة الاستبداد التي عاشها العراقيون حيث يمتهن افراد السلطة كرامة الانسان  ولعقود طويلة ، وهو مشهد يتكرر بشكل يومي في تلك الفترة لعدم ايمان  السلطة الاستبدادية بالحتمية التاريخية التي تنتج بشكل دائم اوضاعاً جديدة وانظمة جديدة وليس مهماً شكل اي نظام بل المهم المحتوى ، المهم من هذا التشخيص ان القاص لا يتقمص دور المؤرخ او المؤرشف بل هو صانع ماهر للمحتوى السردي الذي إجترحه من تجارب بعضها فردية عاشها واخرى تعد اجزاء من الذاكرة الجمعية للانسان .

لم يكتب القاص قصصه بإسلوب تسجيلي على الرغم تناوله يوميات الانسان ـ انفعالاته، عذاباته ، آلامه ، احلامه ـ بل كتبها باسلوب سردي متماسك من خلال الانسيابية في اللغة ورشاقتها  والانتقالات المهمة في الجمل بلا تكرار فكل قصة تحمل جديداً بلا اجترار سواء في الموضوع او بناء الجمل او حتى  النهايات .

تمكن القاص عقيل اكرام من شدّنا الى احداث قصصه وشخوصها بلغة تمتاز بالإلفة والاندماج مع القارئ دونما تعالٍ وبسردية متصاعدة الاداء عبر ادواته ومستوىً ثابت من الوعي بأهمية السرد لدى المتلقي الذي يرفض الصعود الى الابراج العالية لوحده انما صحبة القاص ..

ضمّت المجموعة القصصية الموسومة ( نساء وحكايا) للقاص عقيل اكرام ( 36) قصة قصيرة منها( غرفة النوم، فلس ، اقنعة ، كسّارة الجوز، مواجهة، مفارقة ) وقصص اخرى .وصدرت عن دار ( لازورد ) في العراق  ووقعت بـ119 صفحة من القطع المتوسط .

المشـاهدات 92   تاريخ الإضافـة 18/02/2024   رقم المحتوى 40004
أضف تقييـم