سابدأ  مقالتي اليوم بتساؤل استفزازي إلى حد ما وبقصدية موجهة ا إلى السياسيين والإدارات الثقافية والفنية في العراق  وتحديدا إلى صناع القرار  العراقي ، هل يتم الاطلاع على ما ينشر في الثقافة ودورها التاريخي وآفاق مستقبلها في ظل التحولات والمتغيرات التي يمر بها المجتمع  وهو يشهد حالة من الانتقال الكلي من حقبة زمنية إلى اخرى مختلفة تماما تتطلب ادارة تعي حجم  المتغيرات المتسارعة في مجمل جوانب الحياة ووفق  أليات وخطط علمية من شأنها  ان تجعل الجمهور يواكب ويتفاعل بايجابية معها ، وليس من شك

 ان للثقافة دور في حركة التنوير من خلال ما تنتجه من افكار و قيم ومبادىء ومعتقدات كما  ترسخ الهوية المجتمعية  التي يتبناها أفراد الشعب في سلوكياتهم وتفكيرهم وعلاقاتهم  مع الاخر  ونظرتهم نحو المستقبل ،

إن صناع القرار في ادارة الدولة يقع عليهم العبء الأكبر في تحمل المسؤولية  في التغير والنهوض بالواقع الثقافي  وهو ما ينعكس على بنية المجتمع بمختلف أبعاده  بإعتبار الثقافة هي الصورة الشمولية للفكر واللغة والأديان والعادات والتقاليد والسلوك وهنا تتركز القيمة الحقيقية للمجتمعات وعبرها ترتسم آفاق التطور للأجيال من خلال ما تنجزه من إضافات  ومهارات خلاقة في ميادين الثقافة والفنون  والتي تمثل روح المجتمع ونبضه الإنساني وقوته ومناعته امام كل التحديات والمتغيرات  التي أفرزتها العولمة الثقافية والتقنيات الاتصالية التي مازالت تفرض سطوتها وتسعى إلى تنميط حياتنا وقولبتها ضمن أهداف  وعبر أساليب وبرامج وخطط ونماذج ثقافية غرضها الهيمنة وخلخلة وحدة المجتمع وتفتيت قيمه وافكاره  وبالتالي التمكن من التلاعب به وتوجيه حركته وفق ما مرسوم اليه وبما يتنافى مع المبادىء وما حققته  الأجيال عبر تاريخ حضاري طويل جاء عبر مراحل وعلاقات  وجهود  لمبدعين  اسسوا مجتمعا متطورا 

ورغم ما شهده المجتمع من تحولات مازال للثقافة مكانة مهمة ودورا مؤثرا في الحفاظ على ما تحقق من مكاسب ومنجزات عبر التاريخ  ومازالت هناك قناعات لبعض اصحاب القرار لتبتي المشروع الثقافي واعتماده وسيلة في البناء والتقدم ، وفي ضوء هذا التوجه نشيد بموقف رئاسة مجلس الوزراء متمثلا برئيسه محمد شياع السوداني الذي أطلق مشروعا مهما وضروريا لدعم واقع الثقافة والفنون بالعراق بعد ان خصص مبلغ 13.5 مليار دينار موزعة على مختلف قطاعات الثقافة والفنون ، وإزاء هذا الدعم الذي جاء في وقت اشد  ما تحتاج اليه الحركة الثقافية والفنية ينبغي ان يوظف بنجاعة كاملة لكي يحقق أهدافه  ومن هنا نطالب الجهات المعنية كافة  بتخصيص هذه المبالغ في خطط مدروسة وانجازات جادة من شأنها ان تسهم في بناء وتطور حركة الثقافة وليس إضاعتها في مشاريع وهمية وعابرة وإنتاجات لا ترتقي إلى مستوى العطاء المطلوب ولا تترك اي صدى ، من هنا لابد من تشكيل لجان رصد ورقابة ومتابعة  من قبل جهات متخصصة ونزيهه تستطيع ان ترسم المسار الصحيح ولكي لا تضيع الجهود وتمتد بعض الأيادي الفاسدة وبالتالي يتبخر هذا الدعم ويذهب ادراج الريح كما ضاع الكثير من المال العام .