الأحد 2024/4/28 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غائم جزئيا
بغداد 32.95 مئويـة
تقاسيم على الهامش ((القراءة ثروة لن تنفد ابدا ..!! )) عبدالسادة البصري
تقاسيم على الهامش ((القراءة ثروة لن تنفد ابدا ..!! )) عبدالسادة البصري
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

في أوائل سبعينات القرن الماضي ، كنت طالباً في المتوسطة ،ارتأيتُ ذات مرة أن أراجعَ دروسي اليومية في مكانٍ بين النخيل على ضفة شطِّ العرب، وآخر قرب النهر المحاذي لبيتنا أيضاً،في هذين المكانين قرأت إضافة للمناهج الدراسية قصصاً ورواياتٍ عربية وعالمية، كذلك الشعر الجاهلي وما تلاه من عصور، وما حصلت عليها من كتب الشعر العالمي،

كنت أقرأ وبنهمٍ كلّ ما يقع تحت يدي من كتبٍ ومجلات، أشتري بعضها  من المكتبات الموجودة في مركز قضاء الفاو، وأستعير الآخر من مكتبة المدرسة أو من بعض أقراني ،جعلت من هذين المكانين محجّةً ، حيث صارا أثراً للناظر فعرفهما أبناء قريتنا وسمّوهما باسمي - مدرسة عبدالسادة ،كانت الكتب تصلنا عبر المكتبات الأهلية ، والمكتبة العامة حيث أتردد عليها من وقتٍ لآخر أقضي الساعات فيها غارقاً بين المصادر والمراجع، وقتها ورغم صغر أعمارنا كنا نُجهد أنفسنا بالقراءة والبحث في المجلات والكتب الأدبية والفنية والعلمية والتاريخية ،لم نترك كتاباً نحصل عليه إلاّ و نقرأه، و كان بعض  مدرّسينا يحثّوننا على القراءة الخارجية أيضاً. كنّا نتباهى في ما بيننا بما نقرأ، ونذكّر أحدنا الآخر بالكتاب الفلاني والمرجع كذا وكذا. لهذا طرقنا أبواب الكتابة بكل فنونها مبكّرين ، وصرنا نعشق الأدب والمسرح والموسيقى والرسم وكل ما له صلة بصناعة الجمال، كنّا نتباهى بما نحمل من كتب ونحن نمشي في الأسواق أو نجلس في المقهى نقرأ ولا نضيّع وقتاً أبدا ، في الشارع ، في البيت ، في السيارة ، في المقهى ، وفي العمل ساعات الاستراحة تجدنا نقرأ بنهم كبير !! هذه كانت ميزة جيلنا والأجيال التي سبقتنا، بحيث صار الكتاب وما زال خير جليس لنا في السرّاء والضرّاء.

استذكرت تلك الأيام وأنا أتساءل :ــ أما زلنا نقرأ ؟! لم أقصد بتساؤلي هذا جيلي وما سبقني ، بل الأجيال اللاحقة التي ولدت إبّان الحروب والحصار والتغيير واستشراء الفساد الإداري والمالي، إذ تجدهم ــ لا أقصد الكل ــ بعيدين كلَّ البعد عن الكتاب ، حتى إنّ البعض منهم يستنكف من حمل الكتب المدرسية ويستعيض عنها بدفتر كشكول !! الغالبية منهم الآن شَغَلَهم الموبايل ومواقع التواصل الاجتماعي فصاروا في شغل عن القراءة وجمالية الكتاب ، شبابنا الآن مسحورون بمقاهي الاركيلة وتصفّح ألنت دون وعي وبلا معرفة. لم نعد نجد مكتبات مدرسية، فباتوا مهووسين ببعض القصائد العامّية المليئة بالإسفاف تاركين ما ينمّ عن وعي كبير وثقافة عالية ، !

بمقارنة بسيطة مع ما فيه شبابنا الآن نَصْفِق كفاً بكفٍ حسرةً وآهةً على ما جرى ويجري من تجهيل ومحاولة طمس كل ما يُحرّك العقل نحو الخلق والإبداع والجمال! استشرت ثقافة القتل والفساد بكل أشكاله!

الاهتمام بالشباب والنشء الجديد وحثّهم على القراءة ضرورة تقع على عاتق الآباء والمدرّسين وأساتذة الجامعات وعلى القنوات الفضائية ومنظّمات المجتمع المدني ذلك انهم - اقصد الشباب -  مستقبل الوطن وعلينا ان نجعلهم يعلنون معنا وبصوت واحد ، وعزاؤنا اننا نصطفّ طابوراً اما مؤلفٍ وهو يوقّع كتابه الجديد اهداءً لنا كي نضعه على الرفّ في مكتباتنا ولانتعب انفسنا قليلاً حتى بتقليب صفحاته ،متناسين انّ القراءة ثروة لن تنفد ابدا.

 

المشـاهدات 65   تاريخ الإضافـة 11/03/2024   رقم المحتوى 41576
أضف تقييـم