الأحد 2024/4/28 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غيوم متفرقة
بغداد 36.95 مئويـة
الامبراطورية الرومانية بريئة من تأسيس المسيحية براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
الامبراطورية الرومانية بريئة من تأسيس المسيحية براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

خالد وحيد شلال

كاتب و صحفي

مهندس زراعي

 

ان محاولة معالجة تاريخ نشوء دين ما او فكرة دينية ما بمنشور على صفحة للتواصل الاجتماعي لهو تهور بائس، وان اولئك الذين سيتسامحون في هذه المحاولة لن يغفروا اخطاء التنفيذ. وقد وجدت خلال فترة ليست بالقصيرة مئات المنشورات التي تتحدث عن نشوء دين ما او فكرة دينية وتحاول هذه المنشورات ارجاع نشوء بعض الاديان او الافكار الدينية الى امبراطور او حاكم سياسي سادت خلال فترة حكمه كما تتحدث هذه المنشورات،ظروف دفعته لتأسيس هذا الدين او تلك الفكرة الدينية التي يتحدثون عن نشوءها او تاريخها ومن هذه الافكار التي تروج لها بعض صفحات التواصل الاجتماعي نشوء الديانة المسيحية بدفع وتأثير سياسي من قبل الرومان وبالتالي فإن هذه الصفحات  ترجع نشوء الاديان للانسان وتتناول المسيحية بالتحديد، وترجع نشوءها لوضع سياسي ساد في منطقة الشرق الاوسط انذاك، حيث ان ثورات اليهود الذين يحملون عقيدة توحيدية دفعتهم للثورة ضد الرومان المحتلين لبلادهم، والذين يحملون عقيدة وثنية لا تتفق مع ما يؤمن به اليهود، اضافة للتعسف السياسي والاجتماعي  والديني الذي مارسه حكام الرومان وسادة طبقتهم الارستقراطية وكهان معابدهم ضد الشعب اليهودي، فهذه الضروف مجتمعة هي التي دفعت اليهود  بصورة مستمرة لاشهار سيوفهم ورفع راية الثورة ضد الحاكم الروماني في فلسطين.

لكن ذلك كله لا يمكن ان يجعل الحاكم السياسي للمنطقة  يوعز لمجموعة من الادباء الكهنة لتأليف كتاب تتضمن مبادئه وتعاليمه حث الناس على الولاء للرومان  ومنافسة ديانة اخرى(اليهودية) لا هم لها سوى معارضة الحاكم المحتل في معابدها ويدعو كهنتها سادتها وشبايها وشيوخها الى حمل السلاح ضد الرومان في شوارع وازقة المدينة.

المسألة ابعد من هذا الامر بكثير.

واذا  كان الرومان فعلا من دفعوا لضهور المسيحية على مسرح الاحداث للاسباب التي ذكرتها وساقتها صفحات التواصل الاجتماعي المذكورة بمنشوراتها، اقول فلماذا لم يدعوا الرومان ادباؤهم الكهنة  لتأليف كتبا دينية للقبائل الجرمانية في الشمال الاوربي التي دوخت الامبراطورية الرومانية لعشرات السنين بثوراتها المستمرة العنيفة التي كلفت الرومان الاموال والجنود والوقت الطويل للتعامل معها ومن ثم القضاء عليها، وكان بإمكان الرومان   بدل القضاء على هذه الثورات عسكريا ان يوعزوا كما اسلفت لادباؤهم الكهنة  لتأليف كتبا دينية تتظمن قصصا وتراثا دينيا لهذه القبائل الوعرة المراس ثم يستميلوا بالمال كهنة معابد هذه الاقوام البربرية (بحسب وصف الرومان لهذه الا قوام )،فيقوموا بالتالي بتحييد خطورة ثوراتها المستمرة التي اتخذ نجاح بعضها شكل حملات عسكرية قاربت الشكل المنظم للجيوش النظامية فهددت العاصمة روما نفسها، وبذلك كله نرى خطورة وضع هذه القبائل البربرية على الحكم الروماني بل الوجود الروماني برمته، لكن الرومان رغم ذلك كله لم يخطر ببالهم تحييد اخطار هذه الاقوام دينيا او فكريا.

الامبراطورية الرومانية بريئة من تأسيس المسيحية براءة الذئب من دم ابن يعقوب.

ان نشوء الاديان ليس نشوءا وقتيا او مرحليا يرتبط بحالة وقتية قد يتذبذب ضهورها بوجود او انعدام المسبب، انما هي حالة عابرة لالاف السنين تمتد جذورها الى تفكير الانسان الديني في عصور ما قبل التاريخ ومن ثم ممارساته  المستنبطة من هذا التفكير، والمعتمدة على تجارب اثرت في وجود انسان عصور ما قبل التاريخ ومستقبله.

عصور ما قبل التاريخ التي استمرت لملايين السنين هي التي غرست في نفس الانسان ان هنالك موجه لهذا الكون يتحكم في اقداره بتعاقب الليل والنهار وتغير الفصول وجدب الارض ومن ثم اخضرارها وبهدوء الطبيعة وثوراتها.

عصور ما قبل التاريخ هي التي بعثت المشاعر الدينية في نفس الانسان للتقرب لمن  كان يوجه الطبيعة ضد انسان تلك العصور او يوجهها لمساعدته في احلك الظروف التي يواجهها.

المشـاهدات 53   تاريخ الإضافـة 23/03/2024   رقم المحتوى 42419
أضف تقييـم