شكل القرار المفاجئ الذي اتخذه الاتحاد الألماني لكرة القدم بإنهاء عقد الشراكة والرعاية التاريخية الذي يربطه بعلامة اديداس الألمانية، صدمةً للكثير من المتابعين والمختصين بشؤون الكرة المستديرة، فضلاً عن تسببه بإثارة غضب الكثير من الساسة الالمان بمختلف انتماءاتهم، لا سيما ان الاتحاد اختار شركة نايك الامريكية، بديلاً لما يعتبره الالمان (جزءاً من هويتهم الوطنية).

وعلى الرغم من انها ستكون المرة الأولى منذ عام 1950، التي سيتخلى عنها (المانشافت) عن الشعار التاريخي المميز ذو الخطوط الثلاث بألوانه (الأسود والاحمر والذهبي)، الا ان إدارة الاتحاد اختارت ان تدير ظهرها لماركتها الوطنية بعد الحصول على عرض مالي أفضل من شركة الرعاية الأميركية الجديدة، بمبلغ اجمالي يصل الى أكثر من 100 مليون يورو سنوياً، وهو ضعف المبلغ الذي يجنيه الاتحاد حالياً من الشركة الالمانية، فضلاً عن الالتزامات الإضافية للعقد الجديد المبرم بين الطرفين، ومنها تلك المتعلقة بدعم رياضة الهواة والرياضة الشعبية وكرة القدم النسوية في المانيا.

ولا يرتبط موضوع التنافس الذي يصل الى حد الصراع بين الشركتين العملاقتين على وجه الخصوص، الى جانب شركة بوما وبعض الشركات الأخرى، بالمواضيع المرتبطة بالهوية الوطنية والولاء والتقاليد المتوارثة فحسب، بل يتعداها الى السيطرة على سوق عملاقة ومتنامية لصفقات ملابس الفرق العالمية، والتي تصل مجمل ميزانياتها الى أكثر من 30 مليار دولار، ومن المتوقع ان يصل الرقم الى اكثر من 40 مليار دولار نهاية عام 2027، الامر الذي رفع وزاد من حدة التنافس على هذه السوق الضخمة، في محاولة من الشركات المعنية للحصول على أكبر قدر ممكن من الأرباح والمكاسب.

وتماشياً مع ما تم سرده انفاً، فموضوع التعاقدات والرعاية وتجهيز الفرق والمنتخبات الوطنية، توجه بوصلته عوامل عدة مرتبطة معظمها بالمسائل الاقتصادية ومفاهيم الربح والخسارة المالية، مع عدم اهمال توفر مبدأ الجودة وقدرة الشركات على توفير التجهيزات العالية المستوى للفرق المعنية، ومن هنا فان الصفقة التي ابرمها الاتحاد الالماني لكرة القدم مع شركة نايك الأميركية العملاقة للملابس الرياضية والذي سيستمر لمدة 10 سنوات بدءاً من عام 2027، فضلاً عن غيرها من الصفقات التي تبرمها الكثير من الاتحادات الوطنية في ارجاء المعمورة، تعتمد بشكل كبير على هذه العوامل، تأكيداً للرؤية القائمة بان الرياضة وكرة القدم على وجه الخصوص تمثل اقتصاداً مستداماً للحاضر والمستقبل.

والسلام ختام