الخميس 2024/5/2 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 28.95 مئويـة
نافذة من المهجر في البصرة ... ملائكة تصعد للسماء في العشر الأواخر
نافذة من المهجر في البصرة ... ملائكة تصعد للسماء في العشر الأواخر
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب منال الحسن
النـص :

فتحتُ عينيّ هلعي على مشاهد مروّعة تعرّض لها أهل بلدي المنكوب الذي لا يريد له الآخرون أن يعيش بسلام وأمان حتى في الأيّام المباركة التي قدّر الله أن تكون محصّنة بالسكينة والطمأنينة والأمن والأمان ...

أما مَن هم الآخرون ؟

فهذا سؤال تطول الإجابة عليه وتتفرّع لنستنتج في النهاية أن الجميع مسؤول عمّا يحدث من مآسٍ وجرائم هتكت طفولاتٍ واغتالت أحلاماً وقتلت طموحات وأنجبت أيتاماً وأرامل وملائكة أبرياء يصعدون إلى السماء مكللين بالبراءة , تاركين لأهل الأرض أحزانهم وتحمّلهم وهمومهم التي تتفاقم كلّ يوم لتكون عبئاً مضافاً لأعباء المواطن العراقي الصابر أبداً ...

كم كنتُ أتمنى أن أتخلّص من لغتي المنفعلة هذه وأنا أطلّ من مهجري على وطني , وكم  كنتُ أتمنى أن أرصد مظاهر فرح وبهجة لأتحدّث عن أفراح العراقيين التي تنتج صور إبداع وسلام وجمال , وهم الأحرى بهذه الأفراح لأنهم تحمّلوا ما تحمّلوه طيلة عقود من الزمن , ولاسيّما في المناطق التي يسكنها أهلنا الأعزّاء في جنوب الوطن , فهم الأكثر تضحية , والأكثر إيماناً بالتغيير الذي حصل والذي أمّلوا أنفسهم بأن  يخلّصهم _ هذا التغيير _من الحيف الذي جثم على صدورهم طويلاً وفقدوا بسبب إصرارهم على المبدأ خيرة شبابهم ورجالهم , والنتيجة أنهم ظلّوا على ما هم عليه من إهمال وسوء خدمات وصور لا تنتهي من المعاناة , آخرها تلك المجزرة المؤلمة التي حدثت مؤخراً في  قضاء الهارثة" شمال البصرة , تلاميذ صغار أنهوا دوامهم المدرسي , وخرجوا مبتهجين بالعودة إلى منازلهم البسيطة , ولكن وهم يعبرون الشارع العام تخترق جمعهم سيارة كبيرة فقد سائقها السيطرة عليها , لسبب أو لآخر ,ليدخل  في هذا التجمع ويقتل منه عدداً من الأطفال وحتى الكبار , وليترك عدداً من المصابين في حالات تتباين فيها خطورة إصاباتهم التي أعتقد أن بعضها حرج ...

لا أريد هنا التعبير عن الاحتجاج والاستنكار والعتب واللوم وتحميل جهة دون غيرها مسؤولية ما حدث وما سيحدث في قابل الأيّام مع الأسف , فالمعالجات على الصعيد الرسمي هي في الغالب أعمال ترقيعية صورية سرعان ما تزول وتعود الأمور إلى ما هي عليه , وينسى الجميع الكارثة التي حصلت , لمواجهة كارثة جديدة – لا سمح الله - ..

وإلاّ كيف يترك التلاميذ الصغار وهم يعبرون شارعاً عامّا مكتظاً بالسيارات والشاحنات الكبيرة ؟

أين التحوّطات الخاصّة بالسلامة , وهل يصعب على الحكومات المحليّة إنشاء جسر مشاة يجنّب الأطفال هذا العبور الخطر دائماً ؟

أين حرص إدارات المدارس على تلاميذها , وما هي الاجراءات التي وضعتها مديريات التربية في عموم البلاد , لتجنّب المعنيين مخاطرها ؟

تتصاعد الأسئلة وتتشعّب , وهي تبدأ من الأسرة المنكوبة للتلميذ الضحيّة , لتصل إلى أعلى السلطات , مروراً بالمسؤولين عن الطرق والجسور وسير الشاحنات الكبيرة بين الناس ...

هل يعني توفير الخدمات الانسانيّة , وسبل حماية المواطن العراقي بهذه الصعوبة ؟

هل عجزت السلطات المعنية طيلة عقدين ونصف تقريباً من إيجاد طرق وصيغ مناسبة للسيطرة على الطرق ورصد المخالفات وإبعاد شبح الحوادث عن الناس الأبرياء ؟

على الجميع أن يتحمّل أمن وسلامة المواطن العراقي , كلّ حسب موقعه ومسؤوليته , حتى نحن في الإعلام علينا أن نتحمّل جزءاً مهماً من هذه المسؤولية , لأن لنا منابرنا ومنصّاتنا والوسائل التي نبثّ فيها ما نريد , يجب أن نساهم في حملة التوعية والإرشاد وتنبيه المعنيين لاستدراك أدوارهم وفعل ما يجب أن يفعلوه , ولا يترك مصير الانسان البريء , تحت رحمة عابث بهاتفه أثناء السياقة , أو مهمل لم يتأكد من صلاحيّة أجزاء سيارته , أو أي سبب آخر يؤدي إلى إزهاق الأرواح وتقديم التضحيات والقرابين ..

الرحمة وجنان الخلد لكل الضحايا الأبرياء , والتذكير بواجب المسؤولية التي يتحمّلها الجميع بلا استثناء ..

المشـاهدات 103   تاريخ الإضافـة 05/04/2024   رقم المحتوى 43316
أضف تقييـم