الإثنين 2024/4/29 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غائم
بغداد 27.95 مئويـة
تقاسيم على الهامش # عبد السادة البصري (( لن يأفل الكوكب المتلألئ... ))
تقاسيم على الهامش # عبد السادة البصري (( لن يأفل الكوكب المتلألئ... ))
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

المبدعون لن يموتوا أبداً ، والذي يقدّم للناس خدمة أو عملاً  مهما كان شكله أو نوعه يسكن أرواحهم ويظلّ اسمه متحركاً على ألسنتهم ، ومتغلغلاً في كل خلايا ذاكرتهم جيلاً بعد جيل !!

الميتون هم الأحياء الخانعون ، الظالمون ، الفاسدون ، القتلة ، الطغاة ،البلهاء ، المتكئون على الأرائك بلا عملٍ سوى قضاء نهاراتهم ولياليتهم يجترّون بلحم أخوتهم الآخرين ،المؤذون لغيرهم ،السارقون جهود الآخرين ،الجاهلون بما يدور حولهم ، هؤلاء هم الذين سينقطع ذكرهم قبل انقطاع أنفاسهم عن هواء الدنيا ، يكونون في طي النسيان وهم ما زالوا أحياء!!

لهذا حين ودّعنا قبل أيام الفنان الملتزم المتجدد الثائر المتلألئ أنغاماً جديدة منذ أول لحظة أمسك بها العود وهو في ريعان الشباب الخالد ( كوكب حمزة ) ،لم نقل رحل عنّا إلاّ بجسده فقط ،ذلك الجسد الفاني في كل زمان ومكان ، بل ظلّ نغم ( أمشي وأكول وصلت ) يعبر بنا ( الكنطرة ) سواء كانت بعيدة أم قريبة لصق القلب !!

منذ أوائل سبعينات القرن الماضي وما تزال أغنية ( يا نجمة ) التي أخذت بيد المطرب حسين نعمة إلى النجومية تسكن ذاكرة أجيال وأجيال ، كذلك ( يا طيور الطايرة ) التي أضحت لازمةً ونشيداً شجياً يردّده المغتربون خارج الوطن والضائعون في اغترابهم الداخلي ، الأغنية التي تترقرق لها الدموع في المآقي كلما سمعناها بصوت الفنان الذي انطلق بها ومنها الى النجومية أيضاً ، وحتى إذا ردّدناها بين أنفسنا همساً !!

لهذا مَنْ يصنع نجماً لن يأفل نجمه أبداً ، شابٌ نحيل يأتي إلى البصرة قادماً من مدينة القاسم البابلية حاملاً في يده عود أحلامه ، وفي رأسه انغاماً وحكايات ومعلّقاً في جيده أيقونة عشق الفقراء ، ليبدأ رحلته الحياتية التي لم تنته إلاّ في بلاد الفايكنغ الثلجية ، أمّا رحلته الإبداعية والنضالية ستظل أيقونة شجنٍ ومأثرة خلود يتلاقفها أولادنا وأحفادنا جيلاً بعد جيل ، لأنّه رسم لها خطّاً لن يمحى أبداً، ومَنْ تطأ قدماه البصرة فقد وطأت الكرة الأرضية ، إذ ستنطلق صدى كلّ همسة ونغمة تتردد في أرجائها إلى كلّ جهات العالم عابرة البحار والمحيطات على أجنحة النوارس،لهذا بدأت بوادر التجديد عنده حين وصل البصرة بعد فشل أغنيته الأولى لينطلق ومعه شابٌّ نحيل آخر بأغنية كتبها شابٌّ نحيل ثالث يلبس نظارتين (جعب ) مرددين ( انا بحلم لو يمر ، تاخذني فرحة عيد ) لتتلقّف الأسماع لحناً جديداً يكون حديث سمرهم ونكهة ليالي السمّار ،بعدها يكرر تجربته مع شابّين آخرين لتنطلق نغمات أغنية ستظل ما بقي الشوق في الوجدان والقلوب مناغية الطيور أن تحمل السلام والمحبّة للأهل والأوطان ( سلّميلي لو وصلت ديارهم ، سلّميلي وشوفي شنهي أخبارهم ) ويصبح هذا المعلّم حلقة وصل بين النجومية والحالمين بها من الموهوبين ذوي الأصوات الجميلة !!

ولأنّه يحمل أوجاع الفقراء وأمانيهم وأحلامهم فقد اعتنق مبدأ الوقوف معهم دائماً ، لكن هذا المبدأ يقضُّ مضاجع الحكّام المستبدّين الطغاة والفاسدين وسارقي أحلام الناس ، لهذا أصبح غير مرغوب من قبلهم ولابدّ من تضييق الخناق عليه سواء بالمراقبة والمطاردة والاعتقال وحتى التصفية الجسدية لهذا وبعد أن ذهب الثلاثة للمدارس بصوت مائدة نزهت ( همّه ثلاثة للمدارس يروحون ، بيهم حبيب الروح ،،،) وبعد أن شعر بتضييق الخناق كثيراً عليه من قبل جلاوزة السلطة شدّ الرحيل إلى بلاد الله الواسعة حاملاً حلمه بوطن حرٍّ وشعب سعيد أيقونة نذر في عنقه ليدور في المدن والأصقاع يعزف ويغنّي للوطن والناس ، مرّ في مدنٍ شقيقة وأخرى صديقة وحمل السلاح مقاتلاً في صفوف الأنصار المعارضين للدكتاتوريّة الفاشيّة في الجبال والروابي سنوات صاغ فيها أجمل الألحان والأناشيد للحالمين الحاملين عشق الوطن والناس مثله والزارعين أرواحهم شجرة صنوبر وزهرة رازقي فوق ذرى كردستان !!

لم يهدأ عوده عن العزف ، ولم تسكن ذاكرة زوايا الماضي ، ظلّت تتوهج أنغاماً وموسيقى أينما حلَّ فصار نجماً في سماوات اللحن المتجدد والمتفرّد ليلتفّ حوله عشّاق فنّه من كل الناس وفي كل مكان ، لكنّ يده تعبت من ألمٍ أمضّها كثيراً ، هو بعض من ألم روحه التي ظلّت ترفرف على وطنٍ سكن كل مسامات جسد يحمله الفتى كوكب ،ومَنْ يحمل عشق وطنه مابين جوانحه لن يموت أبداً ، تعبت يده عن العزف وما تعبت أحلامه ، بل ازدادت توهّجاً وانغماساً في هذا العشق الأزلي !!

ومَنْ يسكنه العشق الأزلي هذا لن يأفل نجمه أبدا ، لهذا سيظلّ كوكب حمزة أيقونةً للغناء الحقيقي المرتبط بكل خلايا وأحلام وهواجس الوطن والناس ، وحيّاً في ذاكرتهم يردّدون ألحانه كلّما عنَّ بهم الحنين .

 

المشـاهدات 88   تاريخ الإضافـة 07/04/2024   رقم المحتوى 43490
أضف تقييـم