الإثنين 2024/4/29 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غائم
بغداد 27.95 مئويـة
الوفرة المائية .. وآثارها الاقتصادية
الوفرة المائية .. وآثارها الاقتصادية
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب محمود ال جمعة المياحي
النـص :

يُعتبر العراق من الدول الغنية بالثروة المائية لوجود نهري دجلة والفرات وتوابعهما التي يصل عددها الى اكثر من 35 ما بين رافد ونهر إضافة الى شط العرب مع وجود البحيرات والمسطحات المائية ( الاهوار ) والمستنقعات ،وتقدر المساحة الخزنية للمياه في عموم العراق بـ 150 مليار م3  وهي موزعة على عموم البلاد باستثناء الصحراء الغربية ، وبذلك تكون ارض بلاد الرافدين من الأراضي الصالحة للزراعة والتي تقدر ما بين 50 -48 مليون دونم زراعي ، واساسا ان مصادر المياه تأتي من الامطار والثلوج والينابيع والعيون والمياه الجوفية إضافة الى المصادر الخارجية ونعني دول المنبع ايران وتركيا ، اذ تشكل 56% من مياه نهر دجلة  قادمة من تركيا و12% من ايران و 22% هي من داخل العراق  ، اما نهر الفرات فنسبة  88% تجري من تركيا و 9% من سوريا و3% من العراق ، وبذلك يكون العراق بلد المصب تتحكم فيه بلدان المنبع وهي عرضة للاهتزازات الطبيعية والبيئية والسياسية أيضا .  وبالرجوع الى معدل الواردات المائية للسنوات السابقة نجد انه ما بين سنة ( 1933-1971 ) وصل المعدل الى 79.66 مليار م3 ومعدل الواردات المائية ما بين (1972 -1989 ) كان 71.32 مليار م3 ونلاحظ التناقص المستمر في الواردات المائية حتى وصلت الى 49.36 مليار م3 ما بين سنة ( 1999 -2020 ) وهذه النسبة مخيفة جدا لبلد مثل العراق ، وفي مؤتمر كلاسكو للاحتباس الحراري صُنف العراق خامس اكبر دولة متضررة من شح المياه وقلة نزول المطر ، اما المنظمة النرويجية ( AFO)  فقد حذرت ممثلة الأمين العام لليوم العالمي للمياه من تعرض العراق الى الجفاف ولاربع سنوات خلت مما زاد من مساحة الأراضي المتصحرة وزيادة نسبة الملوحة فيها ، اما منظمة غرب اسيا فقد صنفت العراق ضمن التقرير السادس ( GEO-6) بانه واحد ضمن خمس دول تعاني من قلة الامطار، فهي ضعيفة في مواجة التغيير المناخي السلبي كونه يقع ضمن منطقة المناخ الجاف ، وبذلك نلاحظ ان الواردات المائية تتناقص بنسبة 30% للسنوات القادمة ، وتشير الاحصاءيات ان معدل  25 مليار م3/ سنة يأتي للعراق اما اليوم فلا يتجاوز 12 مليار م3/ سنة مما جعل الأراضي الصالحة للزراعة تتناقص الى حد كبير، مما أدى الى اختفاء عدد من الاهوار في محافظتي واسط والقادسية مثل هور عكركوف وعويريج والبرغوثيات و الشويجة ، وهناك اهوار تحتضر بسبب الندرة المائية ، ولكن تبقى إرادة الباري عزوجل فوق كل المؤشرات والتقديرات التي يذهب الى حسابها البشر، ففي هذه السنة 2024 تّحول العراق من بلد الندرة المائية الى الوفرة المائية اذ حقق نزول المطر معدلات هي الأكثر خلال العقدين من الزمان ، ففي دهوك وصلت نسبة المطر الى 200ملم بتاريخ 22/3/2024 وفي منطقة العزيزية 114ملم  بتاريخ 1/3/2024 ، وبذلك يكون شهري شباط واذار من نفس السنة  الاوفر نزولا للامطار من بقية الأشهر، بعد ان كان المعدل نزول المطر في السنوات السابقة لا يتجاوزما بين 50 -100 ملم سنويا ،كذلك أدت الوفرة المائية  الى ارتفاع منسوب المياه في الاهوار الى 1.4 متر بعد ان كانت لاتتجاوز 0.54 متر للسنوات السابقة ، ولكن يبقى تساقط الامطار في العراق غير مستقرة وغير منتظمة من حيث نزولها وشدتها ، وقد حدد الباحثون السنة المائية في العراق من (1- تشرين الأول الى - 1 أيار ) وماعدا ذلك فالمناخ جاف..! ، لذلك نحتاج الى خطة زراعية خمسية لمواجة التغير المناخي السلبي واخذ جميع الاحتياطات ووضع السيناريوهات لتحقيق الامن المائي الذي يؤمن الغذاء والبيئة السليمة ،لاسيما وان العراق لديه فضاء خزني يصل الى 100 مليار م3 .وبموضوع ذو صلة قامت وزارة الموارد المائية تحديد اكثر من 36 سدا (لحصاد المياه) اكثرها في منطقة بادية السماوة والانبار و ديالى ونعني بذلك حجز مياه الامطاروتجميعها بشكل  طبيعي للاستفادة منها لتامين مياه الشرب وزراعة بعض المحاصيل المحلية عند انخفاض و انقطاع مياه الروافد والجداول الصغيرة .ان انعكاس الوفرة المائية لهذه السنة الذي فاق 2 مليار م3  عزز الخزين المائي بنسبة 10% مما انعش الزراعة وجعل الاكتقاء الذاتي لبعض المحافظات من المحاصيل والخضر المنتجة محليا ، كذلك اكتفاء العراق ذاتيا من محصول الحنطة وبعض الغلات الاخرى ، وقد يتم تصدير الفائض منها ، اذ تقدر مساحة الأراضي المزروعة بالحنطة لهذه السنة اكثر من ثمانية ملايين دونم بواقع ستة ملايين طن / دونم، بعد عودة اكثر من 670 الف دونم من الأراضي المتصحرة الى الزراعة بفضل الامطار ، كذلك  زيادة المساحات الخضراء والمراعي في عموم العراق جعلت من الممكن زيادة الثروة الحيوانية اذ تقدراعداد حيوانات اللحوم الحمراء بـ (20.426.048 راس) وتشمل الأغنام والابقار والجاموس والماعز والابل( احصائية سنة 2023) الى اكثر من هذا العدد بفضل المروج والمراعي ذات العشب الأخضر ، اما في ما يخص الثروة السمكية اذ ينتج العراق حوالي 900 الف طن سنويا من مختلف أنواع الأسماك انخفض في السنوات الأخيرة بنسبة 70% بفعل شحة المياه مع العلم وجود 2212 بحيرة على نهر دجلة و750 بحيرة على نهر الفرات ، اذ تم في الآونة الاخيرة اغلاق الجزء الكبير منها بسبب شحة المياه وبالتالي قلة الناتج المحلي للاسماك ، ونامل ان يستعيد العراق انتاجه من الثروة السمكية نتيجة الوفرة المائية مع إمكانية إضافة مساحات البزل التي تقدر بـ 700 كيلومتر2  لتربية الأسماك .ومن الجدير بالذكر ان زيادة السكان المطردة تحتاج أساسا الى تامين الغذاء يسبقه تامين المياه  الذي يحتاج  بدوره الى ثورة في خزن المياه والى خطة ترشيد الاستهلاك والى قانون ملزم يحاسب المتجاوزين والمسرفين وغير المنضبطين في استخدام  الهدر المائي ، والى اتخاذ خطوات جادة في معالجة المياه الثقيلة والتي تقدر كمياتها بأكثر من مليار م3 / سنة وارجاعها للحياة للتقليل من التلوث والسموم وللاستفادة منها ، لتبقى إرادة البشر فوق كل اعتبار .

 

المشـاهدات 74   تاريخ الإضافـة 15/04/2024   رقم المحتوى 43753
أضف تقييـم