الجمعة 2024/5/17 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 33.95 مئويـة
التعاون بين الحاكم والمحكوم
التعاون بين الحاكم والمحكوم
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب عبدالهادي البابي
النـص :

إن المجتمع الصالح الذي يعز فيه الحق ويذل فيه الباطل ولا يطمع فيه العدويتقوم بأمرين: صلاح الحاكم وصلاح المحكوم ، أما صلاح الحاكم فبعلمه وأخلاصه ونزاهته وكفاءته للقيام بأعباء الحكم،وأما صلاح المحكوم فيتقوم بالنصح والإخلاص للحاكم الصالح، والتعاون على الخير والنفع العام، فإذا قّصر الحاكم أو تمرد المحكوم فُقد الأمن وعم القلق والذعر وشُلت الأعمال وتعطلت الحياة. وأن حق المحكوم على الحاكم ثابت مطلقاً، سواء قام المحكوم بما عليه من حق الحاكم، أو لم يقم، أما حق الحاكم على المحكوم فمقيد بصلاح الحاكم، وقيامه بما عليه من حق، فان أهمل ذلك فلا تجب على المحكوم طاعة للحاكم. إن التعاون على الخير والنصيحة حق على جميع الناس، وأن من ترك ذلك تهاوناً فقد خان إنسانيته ..فالإنسان مهما بلغت منزلته من العلم، وعظمت مكانته في الحياة  يظل مفتقراً إلى النصيحة والإرشاد، حتى من الأشخاص ( العاديين ) إذ ربما كشفوا له عن شئ أو أشياء لم يلتفت إليها، ومن رأى نفسه فوق النقد، وأدعى أنه بلغ الشوط الأخير وأحاط بكل شئ علماً، فذلك هو الغرور الذي يؤدي إلى  ظلمات الهاوية، فهذا علي بن أبي طالب عليه السلام يقول :[رحم الله من أهدى إليّ عيوبي ].. وقال عليه السلام في مناسبة أخرى :[ فإني لست بنفسي فوق أن أخطيء ]..إن ثقافة تبادل النصيحة بين الحاكم والمحكوم، إذا لم تكن موجودة فحقيق على الله تعالى أن يسلط على هذا وذاك الأشرار، فتذل الأبرار وتعز الأشرار وتنفتح أبواب جهنم من جديد على البلاد والعباد، وأن الذين يزّكون أنفسهم، ويستنكفون عن الإصغاء إلى النصيحة والإرشاد، سوف يجرون البلاد إلى كوارث ومصائب لم نعرفها من قبل، وستعاني من آثارها الأجيال القادمة سنوات طويلة ..ومهما شككنا في شئ فإننا لا نشك في أن من يّدعي أنه أفهم الناس في زمانه لا يستطيع أن ينظر إلى شئ بعين الواقع، أو يأتي بخير ما دام معتقداً بأن عمله هو أعظم الأعمال وأجلّها وأنه يجب أن يكون المطلب الأخير للناس جميعا،ومن كانت هذه حاله فمحال أن يقبل النصح والتحول عن رأيه.فالإنسان الواثق من فكرته وصلابة أدلته لايخاف من المناقشة والحوار والتفاهم ، ولا يتصلب أمام الناصحين وهو يصغي لهم بكل هدوء ، خصوصا إذا كان  مخلصاً لله تعالى ولايريد موقفه إلاّ له عز وجل ، إن الإصغاء وقبول النصيحة وأحترام رأي المقابل ينم عن الشجاعة أيضاً ،وهو تجسيد لأروع مقاصد الحرية ، وهو الطريق الى قلوب الناس وعقولهم ، وهو خير وسيلة لأنهاء الخلافات القاتلة التي أماتت روح الإستقامة لدى الكثيرين من أبناء الوطن الواحد .

 

 

المشـاهدات 66   تاريخ الإضافـة 20/04/2024   رقم المحتوى 44073
أضف تقييـم