على ورق الورد شطحات النقّاد منذر عبد الحر |
فن |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص : في الوقت الذي يحتفي شاعر كبير ٌ لا يختلف اثنان في أهميته وهو الراحل محمود درويش بالشعر العراقيّ وتفرّده وتميّزه من خلال قصيدة من قصائده حملت عنوان " أتذكّر السياب " ..حيث قال فيها "كن عراقيّا لتصبح شاعرا" , ينبري شخص – يحسب نفسه ناقدا – فيقول عبر إحدى القنوات الفضائية " أنه لا يوجد شعر ٌ في العراق" , هكذا بجملة واحدة يشطب تراثا وموروثا ومنجزا يعرفه العدوّ قبل الصديق , وليعذرني القاريء العزيز الذي قد يجدني منفعلا عبر جملة – يحسب نفسه ناقدا – التي توحي بالانفعال والتشنج والتسرّع , لكنها ليست كذلك , لأن الذي أشير إليه هو مرة مفكر وأخرى ناقد للشعر وفي حالة أخرى محلل سياسي , وفي الكثير من طروحاته – الشفاهية طبعا – فيلسوف أو كاتب سيرونطيقي – مترولوفوني , وبالتأكيد فهو لا ينشر طروحاته إلا في مطبوع يتناوله قاريء خاص , وهذا المطبوع اسمه "افهمني , وافهمك " يصدر في جزر الواق واق , وهو بلا رئيس تحرير , فهذه التسمية أكذوبة كما يعتقد , وبلا محررين , لأن كتاب هذا المطبوع من الفطاحل الذي ولدوا خطأ في زمانهم هذا , لذلك فإنك لا تجد لهذا الشخص كتابا مطبوعا ولا بحثا منشورا , لكنه يتحدث في المقاهي منذ أربعين عاما عن طروحاته التي ستنشر في يوم ما وتحدث هزة أرضية في ثقافات العالم , وستكون جائزة نوبل في حينها صغيرة على هذا الشخص العبقري حتما , والذي كانت آخر طروحاته أن لا شعر في أرض الشعر !! , ولن أتعب نفسي وأناقشه في هذا الأمر فهو مردود اليه حتما .
ناقد آخر – محسوب على النقد العراقي باعتباره قد أصدر كتبا وقدّم قراءات ومتابعات نقديّة – هذا الناقد , وربما لكثرة وغزارة منجزه , تتداخل آراؤه وتتقاطع أحيانا , فهو في مكان معين حداثوي متمرد على الأطر التقليدية يواجه الشكل القديم بشكل جديد أكثر حرية , بينما يعلن في مكان آخر عن كذبة اسمها الحداثة وعن ضرورة التمسك بالشكل القديم وعدم الاصغاء الى نغمة التحديث في الأدب , وهكذا ظهر في إحدى القنوات الفضائية ليقول أنه مع تجربة قصيدة النثر التي تعدّ فتحا جديدا من فتوحات الشعر العربي وأنها الخيار الفني الأرصن والأهم في المرحلة الحالية , بينما يظهر في قناة فضائية أخرى ليقول أن تجربة قصيدة النثر تجربة هجينة دخيلة على حياتنا الثقافية وهي لا تقدم جديدا بل هي الخيار السيء والرديء للشعر العراقي !
وهكذا يتيه القاريء والمتلقي بين هذين الفطحلين من فطاحل النقد العراقيّ , ولا نريد أن نعدد نماذج أخرى , مع كل تقديرنا لنقادنا الأعزاء ذوي الكتابات الرصينة المتجانسة ذات الهدف النقدي الواعي المتقدم , وليسمحوا لي أن أشير إلى مثل هذاه النماذج التي لا تخجل وهي تطرح آراءها المجانية بعيدا عن العلمية والتدقيق في المعلومة والحرص على الاسم والتجربة , فيما تطلق الآراء الفجة العريضة التي لا يمكن أن تحسم بجملة أو رأي أو حتى في حلقة دراسيّة غير مكتملة التحضيرات اللازمة لها .
وعلى فضائياتنا العزيزة أن تعرف بمن تلتقي , وأن تحدد القضايا الثقافية بنضج ومسؤولية لا وفق الأمزجة والخيارات الخاصة والأمراض المزمنة في الثقافة العراقية والتي يعانيها الكثير ممن حسبوا على النقد العراقي أو على الثقافة العراقيّة بعمومها .
|
المشـاهدات 251 تاريخ الإضافـة 21/04/2024 رقم المحتوى 44183 |