دول العالم المتحضر تضع في قاموس حكوماتها العناية  بالمبدعين وخاصة الاوائل في مجالات الابداع العلمي والثقافي والحياة العامة لان ذلك يشكل ارثا حضاريا وثقافيا لشعب اي دولة .

ونحن في بلدنا العراق صاحب الحضارات الأولى في الوجود والحرف الاول والقانون الاول لا زال اهتمامنا بالمبدعين لا يرقى الى استحقاق اولئك المبدعين على الحكومات المتعاقبة  وكثيرة هي الشواهد والحالات التي تثبت تناسي او اهمال شخصيات كان لها بصماتها في تاريخ العراق المعاصر على المستويات كافة من الفن والثقافة والعلوم  فالكثير من هذه الشخصيات لم تكرم في حياتها وبعد رحيلها من هذه الدنيا قد تتذكرها جهة معينة او لا تذكر البتة .ان وجود هذه الشخصيات في الذاكرة العراقية ضروري جدا لعدة اسباب اولها من باب التكريم والاعتزار وثانيها لتكون حافزا للشباب للعمل المبدع والوصول الى ما وصل اليه المبدعون الاوئل في القرن الماضي على سبيل المثال فهل يعرف الجيل الحالي من الشباب الكابتن جوزفين حداد كأول أمرأة  عراقية تقود طائرة مدنية عام 1949 وهل بادرت الخطوط الجوية العراقية ووزارة النقل والمواصلات بإطلاق  أسمها على قاعة او مرفق او حتى على طائرة من الاسطول العراقي تخليدا لها؟

والامثلة كثيرة ومتعددة  على نسيان واهمال العديد من قادة الفكر والثقافة ادباء وعلماء واكاديمين  وماجرى لقبر المرحوم الدكتور علي الوردي الذي اصبح على رصيف شارع  جامع براثا  لولا مبادرة  كريمة من وزارة الدفاع  حيث وضعت على الضريح  صندوقا زجاجيا يقيه من التقلبات الجوية وعبث العابثين.

الا يستحق الراحلان بهنام ابو الصوف وطه باقر اللذان قدما الجهود الكبيرة للحفاظ على أثار العراق وغيرهم الكثير من العلماء من وزارة الثقافة والسياحة والاثار ان يقام مهرجان سنوي لتكريم هذه الشخصيات التي من حقها على الحكومة والجامعات والمؤسسات المعنية التعريف بهم وبمنجزهم العلمي والإبداعي وقبل هذا علينا ان نؤسس لثقافة التكريم لكل المبدعين العراقيين بغض النظر عن التجاه السياسي والقومي  والديني  والطائفي فالعراق الأول في التاريخ   وهو وطن المبدعين الاوائل في هذا الوجود فدعوا الاجيال القادمة تفتخر بما قدمه مبدعي الوطن  من خلال عمل مؤسسي ثابت ورصين.