السبت 2024/5/18 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 30.95 مئويـة
جيل الثقافة الثالثة وعولمة الهوية كفاءات مبدعة عابرة للحدود
جيل الثقافة الثالثة وعولمة الهوية كفاءات مبدعة عابرة للحدود
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. حسين الأنصاري
النـص :

مع التطور السريع الذي يشهده هذا العصر، وما نتج عن العولمة من تنقل مستمر ومتزايد للملايين حول العالم، وما خلَّفه دمار الحروب من هجرات متدفقة، بات يصعب تأطير مفهوم "أبناء الثقافة الثالثة" بشكل دقيق

في خضم المتغيرات  المتلاحقة. الذي يشهدها عصرنا  في ظل معطيات العولمة. وما خلفته من تحولات  تقنية واتصالية  وتنقل مستمر  ومتزايد  للملايين من الناس الذين هجروا  بلدانهم بسبب الحروب والأزمات والأوضاع الاقتصادية والسياسية فانتقلوا لبلدان جديدة

تبلور هذا المصطلح  (-third culture generation)  اثر  هذه الهجرات القسرية التي بدأت نتيجة الظروف السابقة  مما جعل الكثير من الأطفال يعيشون حياتهم خارج بلدانهم الأصلية ويواجهون ثقافة ثانية تختلف تماما عن ثقافة والديهم وهنا تبدأ حالة جديدة  يكون فيها الشخص منقسم على ذاته بين ما يتلقاه  من الوالدين وما يحملوه من ارث ثقافي ( قيم وعقائد وتقاليد واخلاق )  متجذرة  ومحمولة من  وطنهم الاصل  وبين ثقافة مجتمع جديد  ينبغي عليهم ان يتفاعلوا معها  ويندمجوا فيها. بكل  التفاصيل ونتيجة  العيش في ظل ثقافتين  مضافا  اليها التجربة الشخصية سينتج عنها ثقافة ثالثة  وهي ما نقصدها هنا  حيث  يعاني

 اللكثير من الأبناء نتيجة هذا الانتقال  عددا من المشاكل فبين ان ينتموا لثقافة آبائهم وبين ان يندمجوا مع الثقافة الحالية وما يفرضهه عليهم واقع الحال  بما  يجعلهم في مأزق بل في حالة من  الانفصام

نعم، انه الانفصام الثقافي الذي يمكن أن يؤدي إلى صراع داخلي بين الانتماء لثقافة الآباء ورغبة في الاندماج مع الثقافة الجديدة، مما يُعرِّض الأفراد لمشاكل عديدة منها اجتماعية و ثقافية ونفسية وأخرى تتعلق بالهوية والانتماء  ويزداد حجم المعاناة. مقابل وجود سمات  من العنصرية والكراهية واحيانا استخدام العنف  من قبل  المواطن ضد الاخر  ( المهاجر او اللاجىء اليهم ) وقد  تصاعدت موجة الكراهية بشكل واضح في الاونة الأخيرة وتحديدا من قبل بعض الأحزاب اليمينية التي اخذت تعمل على تحريض  ابناء البلد الاصل المستضيف  ضد المهاجرين اليه  تحت حجج  ان معظم المهاجرين  عاطلين عن العمل. ويستحوذون على المساعدات التي. يقوم  العاملون في الدولة بدفعها لهم وهكذا توسع نفوذ هذه الأحزاب  في السنوات الاخيرة ومقابل  هذه الإشكالية. نجد ان الكثير من ابناء الثقافة الثالثة قد تجاوزوا تلك المصاعب   واثبتوا  للآخر انهم برغم اصولهم الأجنبية لكنهم استطاعوا ان  يندمجوا في المجتمع  الجديد  ويستوعبوا ثقافته وقوانينه ويتفوقوا في دراستهم او عملهم. ويقدموا  انجازا مميز ا يضيف ويغني  الحالة التنموية للبلد  مما جعل البعض يرتقي مواقع مهمة او  يعمل في مهن أساسية وبارزة  وهذا ما بتنا نلمسه في كثير من. التخصصات الطبية والهندسية والقانونية والاقتصادية وغيرها ،

ان ابناء الثقافة الثالثة اختبرتهم تحديات  ابتدأت من تعريف الوطن وحتى أزمة الهوية وانعدام الاستقرار ومواجهة أساليب الكراهية والعنصرية والعنف ، ورغم. ذلك  واجهوا كل ذلك بشجاعة واصرار وحققوا طموحهم واظهروا مهاراتهم وجسدوا انجازاتهم الكبيرة التي نتمنى ان تستفيد منها  بلدانهم الأصل ولا تقطع الصلة بهولاء الأجيال الذين نقلتهم الظروف وجعلتهم  يبدعون خارج اوطانهم ويصبحوا كفاءات مميزة وعناوين عابرة للحدود  .

المشـاهدات 88   تاريخ الإضافـة 03/05/2024   رقم المحتوى 44952
أضف تقييـم