السبت 2024/5/18 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 26.95 مئويـة
مسارات العمل الوطني المدني في العراق د. حسين عبد القادر المؤيد
مسارات العمل الوطني المدني في العراق د. حسين عبد القادر المؤيد
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. حسين عبد القادر المؤيد مفكر و سياسي
النـص :

إن متابعة الأحداث و التعامل مع الواقع و السعي لإيجاد الحلول التي يتطلبها الواقع القائم، أمور لا بد أن تدخل في صلب اهتمامات العمل السياسي و الوطني، لا سيما حين تكون الأوضاع و الأحداث ذات طابع استثنائي و خارج إطار النسق الطبيعي لها، كما هو الحال في العراق منذ الاحتلال الأمريكي و الى الآن. و لكن من الخطأ أن يستغرق الجهد السياسي و الوطني في التعامل مع الواقع و في دوامة حركة الأحداث المزدحمة فيه، لا سيما في الظروف الاستثنائية التي أشرنا اليها، فالسياق الصحيح أن يسير العمل السياسي و الوطني في مسارين رئيسين متزامنين : -  الأول : التعامل مع الواقع القائم و ما يتطلبه من معالجات مرحلية و تعاطٍ آنيّ.  الثاني : التحرك على إيجاد واقع جديد و بناء المستقبل وفق المتطلبات الأساسية و الإستراتيجية للبلد و الشعب. و يبدأ ذلك من وضع الخطة الناضجة المتكاملة، ثم تهيئة مستلزمات تنفيذها، ثم العمل على ترجمتها على الأرض. من الملاحظ أن النصيب الأكبر من الجهد السياسي و الوطني، كان للمسار الأول، في الوقت الذي عملت فيه قوى السلطة على تأصيل الواقع الذي أفرزه الاحتلال و تجذير وجودها و العمل خطوة فخطوة على تنفيذ مخططاتها الشاملة للحاضر و المستقبل. أعتقد أن على النخب السياسية و الوطنية المدنية المخلصة، أن تتحرك على المسار الثاني وفق أهداف واضحة و خطة مبرمجة مزمّنة. إن واحدة من أهم المفردات التي يجب التحرك عليها، هي التأسيس لحياة سياسية سليمة، و استقطاب طاقات مختلف الشرائح، و استيعابها لا سيما الشابة، و كسب الشارع بالحصول على ثقة الجمهور، و يستدعي ذلك بلورة طبقة سياسية وطنية مدنية مخلصة و كفوءة تسد الفراغ الكبير الموجود.كذلك، إن مستقبل العراق يحتاج الى الكوادر المتخصصة التي تتميز بالكفاءة و التزاهة و التفاني في المصلحة العامة ، لتشغل الوزارات و الإدارات و المؤسسات الحكومية. أضف الى ذلك، يحتاج بناء المستقبل الى تغذية العقل المجتمعي، بالثقافة المدنية الراقية، و تربية السلوك على القيم الإنسانية و الروحية المنفتحة على ثقافات الأمم و معطيات التطور الحضاري، و الارتقاء بشخصيتنا الثقافية و الاجتماعية، و دورنا الحضاري في المجتمع البشري . نحتاج كذلك الى إعلام هادف مقتدر يوصل رسالتنا و يعكس مشروعنا المدني، و يدمج المواطنين في هذا المشروع ليتحركوا في آفاقه و مساراته. ما أكثر العناوين و الكتل التي تضج بها الساحة العراقية، و لكنها في غالبها أقرب الى التجمعات منها الى الحزب السياسي بالمعنى المدرسي الحديث، و لهذا لن تكون قادرة على بناء المستقبل و التأسيس له. إن نخبنا السياسية و الثقافية المدنية، مدعوة الى التفكير بعمق و تنضيج مشروع يلبي حاجة المسار الثاني.

 

المشـاهدات 98   تاريخ الإضافـة 05/05/2024   رقم المحتوى 45109
أضف تقييـم