السبت 2024/5/18 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 29.95 مئويـة
على ورق الورد موسيقى الهدوء والتأمل منذر عبد الحر
على ورق الورد موسيقى الهدوء والتأمل منذر عبد الحر
فن
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

في نهايات سبعينيّات القرن الماضي , انتشرت في حياتنا معزوفات رومانسيّة مؤثرة ,من تأليف الأخوين رحباني , وقد انطلقت كموسيقى تصويرية لمسلسل لبناني اشتهر بيننا جدا , وهو "عازف الليل " , شعر جميع الشباب في  حينها بالقيمة الجماليّة ومساحات التأمل في هذه الموسيقى , التي صارت عملا ً مستقلا ً أخذ من المسلسل تسميته , وشاع  كمؤلف موسيقيّ , أو لنقل كسمفونيّة عربيّة متقنة .

 

أتذكّر هذا العمل الموسيقي , المؤثر , الذي يعيدني سماعه إلى أجواء , في غاية الرهافة والجمال والإحساس بالأيّام والأشياء , إحساسا ً متوثبا ً ينطوي على شجن يعبّر عن قوّة العاطفة وارتباط النفس , بالوتر الحسّاس للروح من خلال تدفق الموسيقى , أقول أتذكّر هذا العمل وأنا أتساءل , مرة أخرى وأخرى لماذا غاب التأليف الموسيقي من حياتنا الثقافية , على الأقل , وليس عن حياتنا العامة في مجتمعنا ؟

 

نعم اختلفت الحياة , وتغيّرت الرؤى , واختلف الإيقاع , وصار التأمل ضربا ً من المعجزات , فالسعي والركض والزحام وإيقاع الحياة المضطرب , خلق مزاجا ً جديدا ً , لا مجال فيه للتأمل المسترخي , ولا مجال فيه للإنصات لهمس الأشياء , وتجسيد الإحساس الروحي بهاجس الموسيقى .

 

كلّ الأشياء اليوم حكمها المال , بل الحاجة إلى المال , والعرض والطلب , لذلك , صارت أغنية كذا مطلبا ً لشريحة معيّنة , هي التي تحقق نجاحها , وتضمن ربحها المالي , وبالتالي , لا دور هنا للقيمة الفنية أو الجمالية التي تنطلق من قواعد فنية وضوابط معياري تقاس عليه درجة نجاح العمل الفني , أو لنقل إن القيمة الفنية وحتى الجمالية خضعت لقياس مختلف , أصبح له جمهوره , وذلك رموزه ونجومه ومروّجوه , وكنّا – وفق هذا التصوّر – نسمع أن وراء نجاح الفنان "س" أو "ص" هذه الجهة أو تلك المنظمة , أما كيف , فلم نكن نعلم ذلك ؟

 

لست ُ هنا من دعاة التمسّك بالتقليدي , وفرض حالة التأمل , والرومانسيّة على إيقاع الحياة الجديد , فمسار الحياة كما نعلم لا يلتفت إلى الخلف ولا يأخذ من الماضي إلا قيمة المتحقق فيه من عمل , سواء كان فنيّا ً أم سياسيا ً , المهم أن تسير الأشياء , ولا يعود إلا تذكرها , بوصفها مضيا ً تحقق , والكيفيّة التي يؤثر فيها هذا الماضي على الحاضر , وبالتالي على المستقبل , أما أن نأسر رؤيتنا بالماضي حسب , فهذا أمر ٌ فيه غبن كبير , ولكن ....الذي جعلني أستهل كلامي هنا باستذكار عازف الليل , هو التأثير الكبير غير المتفق عليه على المجتمع بأكمله , من خلال معزوفة ارتبطت بمسلسل لبناني  , عرض في تلفزيون بغداد آنذاك , ونال شهرته من خلال الموسيقى المؤثرة أكثر من الأحداث التي تعرض لها المسلسل , أقول هنا , متى ننجز عملا موسيقيا يمس مشاعر الناس جميعا , ويحصل على هذا الخلود ؟

 

هو تساؤل لمبدعينا من الفنانين والموسيقيين تحديدا , فهم قادرون , لو توفّرت لهم الظروف المناسبة أن ينجزوا أعمالا مؤثرة خلاقة ذات قيمة فنية عالية , لتدخل القلوب من أوسع نبضاتها , ولتحقق علامة فارقة في تاريخنا الفني والثقافي , وحتى أكون منصفا , فإن هناك أعمالا موسيقية , وإن اقترنت بأغنيات , إلا أنها لوحات موسيقية مستقلة مدونة بأسلوب خاص , وقدرات احترافية عالية , ولعلّ أبرزها المقدمة الموسيقية لأغنية "البنفسج" التي أنجزها فنان العراق الكبير الراحل طالب القره غولي .

 

المشـاهدات 65   تاريخ الإضافـة 05/05/2024   رقم المحتوى 45142
أضف تقييـم