عزالدين المانع

تزامنت مع دخول القوات المحتلة إلى البلاد ظروف فوضوية عسيرة أدت إلى تدهور الخدمات في العاصمة بغداد وفي عموم البلاد .. وقامت تلك القوات فور توغلها بتدمير المنظومة الكهربائية وكتمت أنفاس المنشآت الصناعية والمعامل وحالت دون إنجاز المشاريع الخدمية والبنى التحتية ، وأصيبت الأجهزة البلدية والخدمية بالشلل والعجز شبه الكامل في أداء مهماتها ، واتسعت رقعة التجاوزات وعمليات البناء العشوائي وتجريف البساتين وأجهضت التصاميم الأساسية في بغداد والمحافظات .. فتحولت الشوارع التراثية والسياحية والأنفاق والمتنزهات إلى ركام وأطلال بائسة .. وأصيبت الفرق الخدمية العائدة إلى بلديات الأمانة بالكسل والخمول في أداء مهامها وتعطلت معظم آلياتها وتشتتت الكفاءات والكوادر الماهرة التي كانت تدير شؤون الأداء اليومي الذي كانت تمارسه بكل حرص ونزاهة آنذاك ..

وبرغم مرور أكثر من عقدين على تغيير النظام لا بد من التذكير بتلك الأيام التي كانت فيها الشوارع أكثر نظافة وزهوا والمتنزهات وأشجار الشوارع والحدائق أكثر خضرة وتنسيقا .. وكان المنظفون وعمال رفع القمامة يتوافدون منذ الصباح الباكر للقيام بمهماتهم .. وعمليات الصيانة والإدامة تجري بشكل دقيق ، ونادرا ما تبقى التخسفات والمطبات بلا صيانة وتأهيل ، وها هي اليوم تنتشر وتتسع كوباء الجدري ، وتزحف كالورم الخبيث ليصيب معظم الشوارع والأزقة والساحات والحدائق العامة بوبائه !!

ولن تنسى تلك الإناقة والجمال والنظافة التي كانت تزهو بها شوارع أبي نؤاس والرشيد والمسبح والسعدون وكورنيشات الأعظمية والصالحية والمسبح والعديد من النافورات المتدفقة بالمياه الملونة والزاهية والنصب الفنية الرائعة ومجسرات عبور السابلة المزودة بالسلالم الكهربائية !

فلا يليق ببغداد أن تفقد ذلك الزهو وتتحول معظم شوارعها التراثية والسياحية والتجارية هكذا أبدا !! ولا يليق بالعاملين في الدوائر البلدية العائدة إلى أمانة بغداد أن يعلقوا أسباب عجزهم وتقصيرهم على ( شماعة ) غياب الأمن وقلة الموارد والآليات .. فالأمان قد استتب مؤخرا والحمد لله ، والموارد المالية تضاعفت ، والقيادة الحكيمة والنزيهة قد تسلمت مهماتها مؤخرا ..

فلا يستحق قيادة هذه المؤسسة الخدمية الكبيرة إلا قدوة في الكفاءة و امين ..