الإثنين 2024/5/20 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 31.95 مئويـة
صانع القرار حين يختفي خلف الستار
صانع القرار حين يختفي خلف الستار
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. حسين الأنصاري
النـص :

ان طرق الوصول إلى السلطة عديدة فالبعض وصلوا عبر المعارضة الحقيقية النزيهة والثورة من اجل الشعب والبعض الاخر  وصل عن طريق الكفاءة والتميز على اقرانه في الفكر والإدارة وهناك من يصل بالحظ والنذالة والغش والاستغلال والخداع  او من خلال دعم الآخرين لتمشية وتأمين مصالحهم وترسيخ تبعيتهم. ان هذا الواقع الذي تحدث عنه المفكر السياسي ميكافيلي منذ زمن بعيد مازال صداه يتفاعل في الأوساط السياسية والاجتماعية والإدارية ولكن ثمة ظاهرة ربما لم يلتفت اليها ميكافيلي او انه قد ضمنها  في معرض تشخيصه  لصناع القرار او متبؤوا المواقع وأصحاب السلطة  إلا وهي ان من يدير الامور  وينفذ القرار هم الوكلاء الذين يلعبون الدور  الوظيفي المباشر  في حين يقبع اصحاب السلطة خلف الكواليس ، مستغلين وجود او اختيار من ينوب عنهم لتنفيذ قرارتهم وتحقيق مآربهم  وغالبا ما يتم اختيار هؤلاء الوكلاء من العناصر الساذجة  والضعيفة التي تبقى تحت هيمنة اصحاب القرار ولا يمكن ان يتجاوزوه او يتفوقوا عليه ،انه هنا يستغلهم كادوات نفعية واستعمالية وغالبا ما يكونوا هم في صدارة المشهد وهم من يتولى دفة الامور الادارية والوظيفية  وبحكم سذاجتهم واندفاعهم وشغفهم بالتسلط وبالمقابل التبعية والطاعة  العمياء لأصحاب القرار يصبحون هم  من يتحمل المسؤولية ومن تقع عليهم الأخطاء. وهم من يدفعون الثمن ويتم التضحية بهم والتخلي عنهم بل وتحمليهم كل التبعات انهم مجرد وكلاء عابرون .  هذه الظاهرة باتت  احدى  السمات البارزة في مجتمعنا للأسف  فالوزير لديه شلة  من هؤلاء  والمدير العام  ومدير الشركة ورئيس الجامعة والعميد ورئيس المؤسسة وكل من يعتلون المواقع الرئيسة إلا ما ندر رغم ان الشخصيات القوية التي تتمتع باستقلالية الإرادة الذاتية، والعمق المعرفي، وتميل إلى تغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة وكذلك حصافتها وذكائها السياسي والإداري ليست دائماً حظوظها وافرة وكبيرة في الوصول إلى الوظائف القيادية في الدول الهشة  لأن هؤلاء المتميزون يواجهون تحديات عمل ويتعرضون لمواقف المجابهة والتحدي. بل ان البعض يشار لهم  انهم قساة ، كلاسيكيون ، متسلطون ، متزمتون في ادارتهم ، لا يصلحون  بل يكونوا حجر عثرة  امام  الذين يفكرون في الكسب السريع  والاستحواذ  على المنافع الذاتية على حساب  المال العام وخسارات الوطن المواطنين،  إلى جانب الغيرة من النجاح، والتجرد من النزعة الإنسانية والمبادىء والضمير  والأخلاق  في تعاملاتهم المهنية والاجتماعية،  لقد بات هذا المشهد يشكل سمة بارزة في مؤسسات الدولة  وتعاملاتها الإدارية. وما تكشف عنه هيئة النزاهة وما تنشره وسائل الإعلام. وما نسمع به ونراه على ارض الواقع ماهو إلا دليل على تضخم هذه الظاهرة التي نخرت ولعقود بنية  المجتمع  نتيجة تجنيد هذه الأيادي الخفية لصالح النخب القيادية والسياسية والإدارية التي وجدت فيهم  افضل الوسائل لتمرير  وتنفيذ رغباتها. السرية والعلنية عبر الخداع  والدناءة والابتذال واستغلال الآخرين  ، ان مبدأ الغاية تبرر الوسيلة هو ما تعتمده أطراف اخرى ودول استعمارية اكبر نفوذا وقد طبقت ذلك باحترافية عالية مازال شعبنا العراقي يدفع ثمنها حتى اليوم  والمهم هو كيف التخلص من هذه الممارسات الدنيئة التي تفرط بكل القيم من اجل المصالح ؟ لابد  من  تعزيز التوعية والتثقيف السياسي للمواطنين لزيادة  الوعي بحقوقهم وواجباتهم و ترسيخ الشفافية ومكافحة الفساد من خلال تعزيز الرقابة وفرض القوانين.وتشجيع التنوع السياسي وتعزيز المشاركة المدنية في عملية صنع القرار إلى جانب تطوير واقع التعليم والتثقيف وبناء المجتمع المدني. ولابد من إجراء إصلاحات دستورية لتعزيز نظام الفصل بين السلطات وضمان توازن القوى ، ان كل هذه الجهود يجب أن تتم بشكل متوازن ومستدام، ويتطلب الأمر وقتًا وتعاونًا وإقدامًا من مختلف الفئات في المجتمع لتحقيق التغيير الفعّال وإلاصلاح الحقيقي .

المشـاهدات 50   تاريخ الإضافـة 10/05/2024   رقم المحتوى 45437
أضف تقييـم