السبت 2024/7/27 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 41.95 مئويـة
الاقتباسات تُشوِّه هوية المسرح المغربي العديد من العروض المسرحية المأخوذة من أعمال عالمية تطمس أصالة المسرح المحلي.
الاقتباسات تُشوِّه هوية المسرح المغربي العديد من العروض المسرحية المأخوذة من أعمال عالمية تطمس أصالة المسرح المحلي.
مسرح
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

الرباط - يتمتع المسرح المغربي بتاريخ طويل وغني يعكس التنوعات الثقافية وتقاليدها المتعددة، متأثراً بالثقافات الأمازيغية والعربية والأوروبية، إذ يشهد أب الفنون تطوراً ملحوظاً منذ بداية القرن العشرين مع تأسيس الفرق المسرحية وإقامة العروض في مختلف المدن، فهو ليس مجرد وسيلة للترفيه، بل أداة قوية للتعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية والثقافية، ما يعكس تطلعات وهموم المجتمع المغربي.ونجد في نفس السياق أن المسرح المغربي يواجه العديد من التحديات مثل نقص الدعم المالي، وقلة البنية التحتية المناسبة وضعف الترويج والتسويق، بالإضافة إلى التحديات الثقافية والاجتماعية وهجرة المواهب، ورغم هذه الصعوبات، يواصل أب الفنون التحسن بفضل جهود الفنانين والمبدعين الذين يسعون إلى تقديم عروض مبتكرة تعكس روح وثقافة الشعب المغربي.ولكن هل المسرح المغربي يعبر عن هوية مغربية بحتة؟ أم أنه يستمد أساليبه الفنية والتقنية من المسرح العالمي؟تعتبر الهوية الثقافية من أهم مكونات أي مجتمع، تعكس التقاليد والعادات واللغة والتاريخ الخاص به، وفي المغرب كان يلعب مسرح الهواة دورًا مهمًا في التعبير عن هويته المتعددة الأوجه، ولكن رغم ذلك يشهد المسرح الحديث في العقود الأخيرة تحولات جذرية نتيجة لتأثيرات العولمة والتلاقح الثقافي مع المسرح الأجنبي، وخاصة مع تزايد التواصل بين الثقافات المختلفة، إذ تأثر المسرح المغربي بشكل ملحوظ بالاتجاهات المسرحية الغربية والعربية، فمن ناحية يتيح الانفتاح على التجارب المسرحية الغربية فرصًا لتبادل الأفكار والتقنيات الفنية، ومن ناحية أخرى، يؤدى هذا التلاقح إلى ضياع بعض العناصر الفريدة التي تميز المسرح المغربي.أصبحت الموضوعات المطروحة في المسرح المغربي تميل أكثر إلى القضايا العربية والأوروبية العامة، بدلاً من التركيز على المشاكل والقضايا المحلية، كما اتجه بعض المخرجين والممثلين إلى تقليد الأساليب الفنية السائدة في المسرح العالمي، ما أدى إلى إضعاف الهوية البصرية والفنية المميزة للمسرح المغربي، فبسبب محاولة الانخراط في المشهد المسرحي الدولي، لجأ بعض المسرحيين المغاربة إلى تقليد عناصر من مسرحياتهم وباقي عروضهم الفنية المختلفة.نأخد على سبيل المثال اختيار نصوص مسرحية كتبها مؤلفون غرب مشهورون بدلاً من الاعتماد على الأعمال المحلية المؤلفة بأسماء مغربية صرفة، واعتماد التقنيات الإخراجية والأساليب الدرامية الشائعة في المسارح العالمية، من أجل المشاركة في المهرجانات المسرحية الدولية بهدف الحصول على الاعتراف والتقدير المزيف، ما دفع بعض الفرق المسرحية إلى تقديم أعمال تتماشى مع الذوق العام العربي والخليجي خاصة، وهذا النهج اتبعه الأدباء والشعراء في المغرب مع دول الخليج لانهم يدفعون أكثر، ولكن سرعان ما بدأ ينقشع الزيف.هذا التوجه نحو تقليد المسرح العالمي أدى إلى نتائج وتحديات عدة، كتراجع الخصوصية الثقافية للمسرح المغربي، كما بدأت بعض الفئات من الجمهور تشعر بالغربة من العروض المسرحية التي لا تعكس واقعها اليومي وتطلعاتها الاجتماعية، وهذا خلف انتقادات من النقاد والمثقفين الذين يرون في هذا التوجه تهديدًا للهوية الثقافية الوطنية.ولمواجهة هذه التحديات ظهرت بعض المبادرات التي تهدف إلى استعادة الهوية المسرحية المغربية كدعم الكتاب والمخرجين المحليين لإنتاج أعمال تعبرعن تجاربهم المحلية، وإعادة الاعتبار لاستخدام الدارجة في العروض المسرحية مع توظيف التراث الشعبي والفلكلور، كمصدر للإلهام في النصوص المسرحية، عوض اقتباس أو استعارة نصوص غربية وإعادة مغربتها.إن الحفاظ على الهوية المغربية في المسرح هو تحدي يتطلب توازنًا دقيقًا بين الانفتاح على التجارب الثقافية العالمية، وبين الحفاظ على الخصوصية الثقافية المحلية، ومن خلال تعزيز العناصر الفريدة للمسرح المغربي والعمل على تطويرها، يمكن أن يستعيد مكانته كمؤسسة ثقافية تعكس بصدق هوية المجتمع المتنوعة والمتعددة الأبعاد.ونخلص بالقول أن الثقافة والهوية المغربية غنية وتمثل مصدر فخر وتميّز لشعبها، إذ ينبغي على كل كاتب مبدع أن يأخذ هذا التنوع بعين الاعتبار ويعكسه بوضوح في أعماله الأدبية والفنية، ولا يستند إلى النصوص الغربية القديمة أو محاولة تقليدها، فهذا يظهر عدم القدرة على الخلق والابتكار، ويمكن أن يؤدي إلى تشويه الصورة الحقيقية للفرق المسرحية المغربية، فمن المهم كتابة النصوص بالدارجة المغربية وبأسلوب شعبي يليق بمجتمعه.ولعل من واجب رواد هذا الفن الالتزام بالجذور المحلية والابتعاد عن الاقتباسات الثقافية، ليس فقط من أجل الحفاظ على الهوية الفريدة، بل أيضاً لتقديم صورة دقيقة وشاملة عن الثراث المغربي للعالم، فمن خلال تسويق الأعمال الأدبية والثقافية الحاملة للهوية الوطنية بمهارة وحرفية، يمكن تحقيق انتشار واسع دون اللجوء إلى التقليد أو الاستسلام لمعايير الآخرين، إذ يأتي التميز من خلال الأصالة والتفرد للهوية الثقافية المغربية، عكس أسلوب الاستعارة والاقتباس، ما يثير اهتمام العالم نحو الإبداعات والتجارب الفنية، إذ ينبغي على الجميع أن يكونوا فخورين بثقافتهم وهويتهم الشعبية، وأن يعملوا بجد على نشرها وتعزيزها بجميع الوسائل المتاحة لأنها مصدر فخر وانتماء، واتباع غير هذا الأسلوب سنسقط في التزييف والتملق من أجل اعتراف عالمي زائف بسبب تقديم اعمالهم  وهويتهم التي لا تمتنا بصلة.

 

 

 

المشـاهدات 218   تاريخ الإضافـة 03/06/2024   رقم المحتوى 47148
أضف تقييـم