وفاء بونيف

خارج النّفق كتاب للمؤلف العراقي علاء الدين شهاب هو عبارة عن مجموعة مقالات اجتماعية سرد الكاتب من خلالها تجارب عامة في الحياة، ونقل لنا مشاعره الخاصة من خلال كل تجربة مسته شخصيا. فما بين الأسى والفرح، الأمان والخوف، الحب والإستنكار تراوحت مشاعره الخاصة.

يجمع علاء بين نمط الكتابة الكلاسيكي والحديث؛ فأسلوبه في الكتابة ليس بالمعقد الذي يصعب فهمه ولكنه أيضا ليس بالسهل المباشر؛ إذن نحن أمام نصوص تدعونا للبحث بين سطورها عن المعاني الجوهرية وكذلك تمنحنا فرصة فك الرمزيات التي تكتب بكلمات بسيطة تبدو في ظاهرها عادية لكنها تحمل معان أدبية ودينية ثقيلة جدا. كما أن النصوص تتقاطع فيما بينها لذا ورغم اختلاف العناوين واستقلالية كل نص عن الٱخر يظهر لك أن الخط الذي يربط بينها لم ينقطع، بل يزداد متانة كلما تقدمت في القراءة.

بدأ الكاتب عمله بنص معادلة الأرقام وختمه بأنا كمفهوم نحوي للأنا ثم كصدمة طفولية كان لها صدى التساؤل الدائم (لكن لماذا؟) وكأن الكاتب أراد أن يبلغنا معادلة الحياة دون أن يعطينا إجابات نهائية وقاطعة، سواء في هذا النص أو في غيره؛ فالحياة عبارة عن محطّات متعاقبة تتخللها أنفاق، فكلما بلغت النور، وجدت نفسك في نفق ٱخر أكثر ظلامية وأشدّ صعوبة من سابقه. وهكذا هي نصوص شهاب تنقلك من عالم إلى ٱخر؛ فما بين الأرصفة أسرار إنسانية، وعلى الوجوه أقنعة تتطلب التمسك بالهوية الاسمية، أما عن الإهمال المتعمد فيستحق زرا للخروج من العالم الذي بات يتنكر لثقافة الرفض ويتحسس من عزة الكلمة حتى ضاعت الأمنيات، هكذا هي نصوصه لا تمنحك إجابة بقدر ما تفتح أمامك تساؤلات وجدانية و نفسية عميقة..كما أن البعض من نصوصه هي تكريم لشخصيات أدبية يظهر تأثيرها في كتابات المؤلف سواء هنا أو على صفحته الرسمية في العالم الافتراضي.

هو كاتب يدافع عن الإسلام ويتّخذ من القضايا الدينية مسألة مهمة، فيحمّل قلمه مسؤولية توضيح ما اختلط على العامة، كما أنه يدافع عن المقدسات متخذا مكانه الصحيح كمثقف نشط تقع مسؤوليته الكاملة في قلمه. وهكذا نرى أنّ تبني النمط الدفاعي عن معتقداتنا  بهدف إيصال فكرة عن عالمية الإسلام أو عن بساطة التعاملات به ليس بالأمر السلبي كما يعتقد البعض، بل على العكس تماما هو أمر يبرز شخصية الكاتب ويعطينا مبررا لاستكمال رحلة القراءة له مادام تقديره للمعتقد لم يضر بالٱخر ولم يسئ للبقية...

خارج النّفق كتاب يقرأ للمتعة، للتعلم، ولفتح المجال أمام البحث عن إجابات عادة ما تكون لانهائية ولا مطلقة...