الثلاثاء 2024/7/16 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 43.95 مئويـة
قصّة الخيمة...... محمّد أيوب دلالة حاضر غزّة في الأدب الفلسطيني
قصّة الخيمة...... محمّد أيوب دلالة حاضر غزّة في الأدب الفلسطيني
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

علي ابراهيم

تشكلّ قصة الخيمة للقاص الفلسطيني محمّد أيوب منعطفاً مثقلاً بآلالام كما يصورها القاص في الأدب الفلسطيني بعد عام ١٩٦٧ في الضفّة والقطاع، وهي واحدة من مختارات ودراسة في الشعر والنثر للكاتب خيري منصور ومؤلفه الكف والمخرز ص ٣٤١.

وهي قصة في الوصف المشبّع بالأسى،حيث الرحيل عن الأرض بإنتظار العودة والخوف يعتمل به خشية ان لا يعود"" الرجال أمامه ومن خلفه قلقون كل واحد ينتظر. دوره"" ؛ ويربط القاص. تعلّق الأطفال بابيهم بالعودة بخيمة"" يود لو يختطف خيمة.. آية خيمة ويعود إليهم سريعاً يصّد الريح عنهم"" وهذه الثيمة التي استند عليها القاص سوف تكون على انواع بعد ضياع الأرض يُخيّر أيّ نوع "" كوخ رائعة، جنزير اروع. "" وهذه الخيمة على حجمها هي بيت عند أبي على بطل القصة. والمكان هو خان يونس، والتي ستصبح الرمال فيها. إ خياماَ"" ستتحوّل الرمال طإلى مزرعة خيام، معرض خيام متنوعة الأشكال والاحجام""

ويستمر الحوار في القصة عن موعد لتسلّم الخيمة"" وربّما قالوا تعال غداً كما قالوا بالأمس ابو حسن ظلّ اسبوعاً حتى إستطاع ان يتسلّم خيمته"" ما يلبث ان يضرب مثلاً متداولاً في الحياة "" كلّ تاخيرة وفيها خيرة"ونلاحظ هنا حالة الإستلاب التي يعيشها ابو علي خيمة مقابل دار وأرض من الأجداد؛ وكل ذلك هو مرتبط، بالمثل الذي تفوّه به.

ويتساءل القاص بإسلوب مباشر" "هل هذا هو الحلّ في هذا الطابور وتلك الكومة من الخيام.""وسؤال ثانٍ"" وهل تصبح الخيمة هي البديل الدائم للبيارة والدار"" وسؤال آخر للعودة بعد سبعة شهور حقّاً"" هل يمكن أن تستر عوراتنا وهل تستطيع أن تحفظ علينا امنياتنا"" خطاب من إنسان يريد أن يحفظ كرامته التي سلبت وكشفت عورات من حوله، وإمنيات زاد فتقها، وأصبحوا مشردين خارج الوطن وفي الشتات. ويختم التساؤلات "" هل؟ وهل؟ وهل؟ والف هل حائرة في ذهنه تبحث عن جواب ولا جواب"" ونجد القاص يقرن تكرار إستفهام هل لانّه لا محل له من الإعراب وبقيت سبعة عقود مضت بدون جواب كما تصورها القاص.

ويربط حديث الخيمة وصمودها أمام الريح مع خيمة مشركي مكّة! "" وهل تاتينا ريح عاتية صرصر تقتلع خيامنا كما إقتلعت خيام مشركي مكّة""وهنا يستحضر القاص التاريخ وما حصل للمسلمين على يدي المشركين، وان حياتهم للوقت الحاضر مازالت في نفس الوصف "" هل أصبحنا مشركي العصر الحديث حتّى يحدث لنا ما حدث"" ومقانة أخرى تدفع به إلى اليأس، والتبرّم من الوجودبصورة عبثيّة"" كنّا نحب السماء حين كنّا ننام تحتها بإرادتنا. امّا الآن فايّة سماء هذه التي تجبرنا على النوم تحتها بإستمرار لو إنّ الدنيا لم تكن صيفاً لكان الحال غير الحال. "" يشير القاص إلى تغيّر السماء من مكان لآخر حين يستفهم عن أيّ سماء تؤويه.!

وثمة وقفة عند القاص، وهو يطعم نصه بشذرات من النثر"" ملعون ابو كل جواب غير شافٍ جواب لا ينير درب الآلام.. الطويل.. طويل يادرب الآلام أطول من هذا الطابور.. أطول من هذا العمر.! ""

وعن الاولاد يقرر ماذا سيكونون، وكيف سيكون تحولهم لمكان ساكن لا يثير رعب العدو؟ "" والاولاد سيكبرون سيكونون نباتات بريّة؛ والبنية البريّة. أقوى بلا رعاية فليتحول الأطفال نباتات بريّة تنتزع حياتها من منعطف درب الآلام. ويفيق بطل القصة على صوت الموزع "" نظر ببله إلى كومة الخيام لم يستطع ان يفهم شيئاَ كان حاضراً غائباً.! تصور هذه العبارة حجم المآساة التي ستختبىء تحت الخيام.

ويحصل على خيمة جرس لعدد سبعة افراد"" تمتم بصوت. مسموع ملعون لكنّه ابتلع كلماته، ولم يكمل. وهنا حالة الارتداد عند البطل وهو يبثّ اللعنة لما يصير إليه موقف الحياة مع الخيم..

وهذا النص واحد من عشرين نصّاَ في القصة عن عقود بعد نكبة ١٩٤٨،يُظهر فيه مساحة الآلام تأكل بالنفس يتفاخر بالخيمة بعد الّلعنات لأجل ستر اهل بيته، وتستمر المآساة دون تقنية في الصوت، والصورة؛ وسؤلات كثيرة تعتمل عند القاص.

ومشهد الخيام في حاضر غزّة ظهر بعد ٧ /أكتوبر لكنّها ستبقى فارغة من أهلها، لانّهما يُقتلون في الشوارع، وأثناء الترحيل من مكان لآخرفكيف بالقاص لو كان حاضراً بعد أحداث ٧/أكتوبر لوجد الصورة أكثر. تقنية.. تصبح كل قطعة من المكان.. ركام. حجر.. انابيب ماء تالفة. مياه مجاري آسنة لتحوّل الإستفهام عنده إلى التعجب الذي سوف لن ينتهي! وكيف سيكتب قصّة عن طفل رضيع عاش لأسرة قضت نحبها؟. وكيف سيوثق شرف المهنة عند المراسل وائل الدحدوح، وهو يودع زوجته وأولاده تركهم ساعات، وسمع خبر إستشهادهم..

وقد احسن القاص إستخدام مفردة ملعون اي المطرود.. واللعنة وما زال يرددها حتى وهو يتسلّم خيمته.هذه القصّة ستجد ما يماثلها ثيمة مكاناً وزماناً وبصور تصلح لأعمال سينمائيّة عن كفاح شعب وأرض.

أخيراً ماذا سيكون ردّ قصاصي كتاب الكف والمخرز بعددهم لو كانوا احياء عن أنماط القصة عن غزّة بين أسلوب الواقعيّة، والغرائبيّة في حدث كبير. مثلما نقرأ اليوم الكثير من القصص عن غزّة بين الحماسيّة والرغبة في إقناع الآخرين بأنّ السابع من أكتوبر كان حدثاً عظيماً في تاريخ فلسطين وادبها العربي.

المشـاهدات 55   تاريخ الإضافـة 07/07/2024   رقم المحتوى 49066
أضف تقييـم