لقد استشرت حالات الفساد وامتدت إلى أعماق معظم مؤسسات الدولة ودوائرها ذات العلاقة المباشرة بالمواطنين .. وراح معظم العاملين في هذه الدوائر الخدمية يواصلون عمليات ابتزاز المراجعين بأساليب مبتكرة وطلبات تعجيزية مرهقة وغير ضرورية في معظم الحالات .. وكان آخرها المطالبة ب ( صحة صدور ) الوثائق والمستمسكات التي لا شائبة فيها مطلقا , وإنما لمجرد دفع المواطن إلى اللجوء إلى ( السماسرة والوسطاء ) المنتشرين حول هذه المؤسسات لترضية الموظف الفاسد أو الموظفة (( لتمشية )) المعاملة دونما حاجة إلى تلك الطلبات التعجيزية والمفتعلة .. وأصبحت ( الرشوة ) حلالة المشاكل وميسرة الأمور ..

ولم تقتصر حالات الفساد وابتزاز المواطنين على هذه النماذج القابعة في الدوائر الخدمية , وإنما راحت تمتد إلى اللصوص الأكبر والفاسدين الأشمل الذين يتعاملون مع الشركات الوهمية وغير الرصينة , ويتقاسمون معها ( الغنائم ) و ( الكومشنات ) بعقود زائفة .. ولا بد من كشف أسماء من تثبت إدانتهم في مثل هذه العقود والمشاريع الوهمية , وفي عمليات الفساد الإداري والمالي , وعرضها عبر وسائل الإعلام بعد ثبوتها والتأكد من دقتها ليكون لها الأثر الكبير في الحد من هذه الحالات واستئصال الفساد الذي راح يتوغل في معظم مفاصل الدولة كالوباء المعدي .. والمواطن العراقي ما زال يحترم العرف العشائري والتقاليد العريقة , ويخشى على سمعته وسمعتها أكثر من خشيته من العقوبات القانونية , وبالتالي , فإن عملية كشف الأسماء المتورطة بالفساد من قبل هيئة النزاهة عبر وسائل الإعلام ربما تحقق نتائج فاعلة ورادعة , وتضع حدا حازما للفساد المستشري عبر دهاليز الدولة وتقطع دابر المرتشين الذين يخشون الفضيحة أمام عشائرهم وكتلهم السياسية .

مع ضرورة كشف المصالح المالية لكبار المسؤولين وتفعيل شعار ( من أين لك هذا ؟ ) الذي يعتبر من أنجح السبل التي تحد من انتشار الفساد المالي الذي استشرى عقب دخول القوات المحتلة إلى البلاد وتغيير النظام عام 2003 وتجاوز حدود ما كان عليه قبل السقوط ..