
![]() |
شهد الزبيدي تقدم قصصا غامضة وأجواء غير محلية , |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : حمدي العطار القاصة شهد تعتقد انها عندما تكتب قصة عن (اللامكان و اللازمان) بأن مثل هذا النوع من الحكايات الاسطورية والخرافية يمكن ان تترجم وتكون باب للشهرة! لجأت القاصة شهد الزبيدي وهي الفائزة بالمرتبة الاولى في مسابقة الأدباء الشباب الدورة الخامسة 2024 ، دورة الشاعر بدر شاكر السياب ، لجأت الى الغرائبية في العديد من قصصها كما انها تستخدم البيئة غير المحلية وتعميق هذا الاتجاه في استخدم اسماء اجنبية لشخصياتها القصصية، كما في قصة (عند أطراف القرى) وهي التي حملت المجموعة عنوانها! فنقرأ عن الجبل الغامض وعن الثلوج والوديان و(القرى الفرنسية) والكهوف والسياح ، التجار، المستكشفين، وعن اسطورة الرعب، وزمن قديم ! تبدأ القصة من الواقع الريفي ،وصف للراعية الشابة "ذات الشعر الكحلي الطويل، رغم رداءة لباسها الأبيض،وأن تنورتها البنية ليست إلا ثلاث قطع قماشية مكدسة فوق بعضها البعض يمكنك أن ترى جمالها الناعم على وجهها وقد ينسيك كل ملبسها، عينان واسعتان بيضاء شديدتا السواد، خد أسيل، خصر نحيف، كانت تتطاير كريشة بيضاء من أرض خضراء لأرض أخرى"ص27 وتستمر القاصة وهي التي تسرد بضمير المتكلم الغائب ، وكل شيء كان يسير واقعيا ولكن ما سمعته الراعية من صوت بعيد جعلها تترك اطراف القرية متجهة الى ذلك الجبل الرعب"صدى ناعم يقبل أذنيها، صوت حنون يناغيها: (هنا فوق الجبل، أرض معطاء خير كثير)! من الواضح ان بداية القصة غير واقعية ، وتبدو انها تنتهي فيه، ونحن لسنا ضد التأويل ولكن القصة القصيرة من شروطها الوضوح لا تتحمل التأويل ، ونص مثل (عند أطراف القرى) تحتاج ان تعيد حتما قرءتها وتكتشف انك لست الا حلم مزعج او كابوسي لست بحاجة الى أن تنام لكي تراه، وتتميز هذه القصة بأنها تحمل امكانية تفسيرات متعددة !فالراعية التي نتصور انها سوف تنطلق فورا الى الجبل الغريب المرعب وهي تسمع (عزف ناي يشدها بألفة كبيرة، كأن سحر، خيرا ما ينتظرها هناك) نجد القاصة تجعل فضول الراعية تدخل الى اسواق المدينة " بدأ الشبان باتباعها ، تسمع النداءت تلقى في الهواء مثل طماطم عفنة..حتى أندفع أحدهم ليلمس شعرها وآخر ليتفحص الأقمشة عليها وغيره ليمسح على وجنتها الناعمة..وما كان إلا الطريق لأراضي الجبل"ص28 نرى ان هذه القصة التي تبدأ رقيقة ناعمة جميلة، تزيح القاصة الستار عن منابع جديدة للخوف " الليل أقترب ..والدرب صار خطيرا ، وبين افكارها النادمة ورجفة أطرافها سمعت صوتا عالي جدا من تلك القرية، بلغها من ذاك البعد: لاتذهبي للجبل" وتتعرض بعدها للسقوط (ولطمت رأسها بشدة بطرف صخرة حاد فنزفت) وهنا تظهر شخصية المرأة العجوز الغريبة التي تستدرج الراعية مع الغنم الى داخل الكهف بحجة التداوي "أشارت العجوز نحو كهف قريب وقالت بحنو وقلق:"اميليا ، ابنتي تعالي معي إلى ذاك الكهف، يمكنك أن تجلسي عند المستوقد وتشربي حساء دجاج دافئ، وأمسح بقماشة مبللة ونظيفة جرح جبهتك هذا.. ونؤمن خرفانك في طرفه فهو عميق"ص30 ثم بعد ذلك لا تقدم لنا القصة الا مشاهد الرعب والنقاش الديني الفلسفي بين الراعية والعجوز " – ممن تخافين ؟ -أخاف من الجوع - ألا تخافين الإله؟ أليس هو مسبب الجوع؟ إذن فهو مخيف أكثر- لا أستطيع أن أخاف من شيء لن أره - كلا.. يقوم الخوف على المجهول، لكن ليس دائما، هل تعلمين أن المجهول الذي لا ندركه ولا نستشعر وجوده هو أكثر وطأة من المجهول الذي ندرك وجوده ولا نعرف عنه شيئا؟ - لم أفهم ..قالت اميليا وملامح الاستفهام تعلو وجهها أكملت العجور- الإله يا اميليا، نراه كل يوم، كل ما يرهبك ترين فيه هذا الكائن المهيب الذي يقدر أن يسلب روحك نازفة!" وتسترسل القاصة لتحول القصة الى كابوس مرعب وتحفر القاصة عميقا عن جذور الخوف والرعب في الوجود ذاته "أرتعشت أطراف اميليا حين رأت النار تنعكس على وجه العجوز وتكسب بؤبؤها البني لمعة تجعلها أشبه بحجر من قعر جهنم، واسنانها القليلة التي التهبت بالحرارة من انعكاس اللهيب، وتكاد اميليا تقسم لذاتها أنها لمحت نابا ينبت في هذه اللحظة في فكها العلوي كأنه برعم ينضج" ان استخدام تقنية الحلم (الكابوس) في هذه القصة مبالغ فيه "طافت رائحة اللحم والحساء الساخن لتوقظ اميليا، وصوت الحساء يفور ويخلط بعضه على بعض، فتحت عينيها ورأت طيف السيدة العجوز يصب الحساء في الأواني، ركزت بصرها حتى شكلت هيئتها جيدا في رأسها واستعادت وعيها ثم سألت بتعب: - كم نمت؟ - اوه اميليا.. أخيرا، خلت أنني سأضطر لإيقاظك يا بنيتي. قالت بحماسة ثم أكملت –كم نمت ؟ نمت ونحن في الطريق إلى الكهف ويبدو أن التعب قد أخذك أيتها المسكينة هاك كلي اشبعي" تتيح التقنية التي تترواح بين حالات الكابوس، وحالات اليقظة وما يحدث خلالها – في تدرج مقصود- "رفعت بملعقتها قطعة من اللحم التي لم تشبه قط لحم الدجاج، شمته، أكلت شيئا منه وتيقنت أنه للحم خروف ..دفعت بيدها النار نحو الحيطان ورأت منظرا مريعا من اللحوم المعلقة الغارقة بالدم وقد تدفقت الروائح الكريهة كأنها لم تكن قبل ثوان معدودة..تفحصت اميليا رأسها ، صلعاء، تماما كلحم خرفانها وعليها شيء من اللزوجة والحرارة كأنما العجوز انتزعت شعرها من جلدها نزعا فمزقت جلد رأسها! شعرت كأن روحها تنهار وتنسل من كل خلاياها، صاح صوت أسقط الحطبة من يد أميليا وأطفأ كل النور:- قدتك إلى الموت يا اميليا ، وقادك الموت إلي!" لا استوعب المتعة او الفائدة التي توفرها مثل هكذا قصص غير واقعية ولا تمثل البيئة المحلية ؟بينما للقاصة قصص رائعة مثل (قصة 250 دينار) وقصة المراهق الذي يجلس مع جده المريض وهو يبقى وحيدا في البيت ويتعرض جده للحريق! ملاحظاتنا النقدية عن قصة" بائع الشاي" وقصة "عند أطراف القرى" لا تقلل من جودة المجموعة وتميزها فهي مجموعة تحمل قدرا من الإمتاع وتعيد قارئها إلى العناصر الأولى للأدب واهمها الامتاع، إذ يجري انتاج الواقع ولكن بعد تحريره من ربقة عاديته اليومية!
|
المشـاهدات 330 تاريخ الإضافـة 30/07/2024 رقم المحتوى 50455 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |