الفنان مكي عمران.. اللون والكتلة دفعة واحدة |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص : رعد كريم عزيز الفنان مكي عمران والذي ولد عام 1961 في الحلة وتخرج من اكاديمية الفنون الجميلة ورجع مدرسا في اكاديمية الفنون ببابل اهتم كثيرا باجتراح منحى خاصا لمفردات لوحته والتي تمتاز بالاحتدام المكتظ لونا وكتلا لا تبارح بعضها الا بإضافة اللون الأبيض غالبا لتميز الكتلة عن غيرها، حتى تحولت اللوحة عند مكي عمران الى مشهد مزدحم في اول وهلة يرمي فيه الفنان كل مفرداته واحساسيسه دفعة واحدة ومن ثم يفك الاشتباك اما باللون القهوائي الطيني او الأبيض ومع ذلك فان عملية المحو تتحول بذاتها الى كتلة جديدة متصارعة مع الكتل القديمة وتكاد تنسحب هذه العملية الفنية المعقدة على كل اعمال الفنان مكي عمران. وإذا كان مكي عمران قد تتلمذ على يد الجيل الأول مثل فائق حسن والدروبي وماهود احمد فانه استطاع بالمواظبة والعمل الدؤوب ان يتشرب اغلب المدارس الفنية واتجاهاتها لونا وكتلة من أجيال مختلفة ويخرج بخط فني ومسار ابداعي خاص ابتدعه لنفسه وسط تأثرات ومرجعيات تاريخية وتراثية اتسقت مع بحوثه الدراسية، فهو فنان يدرك ابعاد تجربته الفنية التي تتطابق مع حرفته وتنفيذ اعماله. في اعمال الفنان تلتبس اكثر من حياة لشخوصه في اللوحة فتارة تكون سابحة في الفضاء في حركة تبدو أحيانا وهي تصعد للأعلى او تهبط للأسفل، واغلبها غائمة الملامح خاصة عند الوجوه وكأنها كائنات فضائية او وجوه دمى صنعها الأطفال بأيديهم وهو بذلك يتجنب التأويل المباشر لحكاية لوحته حتى وان بدت مختصة بحكاية ثابتة مثل الإشارة الى الحرب او الطفولة او التاريخ واساطيره والغوص في رموزه التي عاشها طفلا، فهو ابن بابل ولمس طابوقها المباح من الاثار وانتقالها الى بيوت المدينة القديمة بكل كتاباته المسمارية الواضحة. وتكاد تقترب اغلب لوحاته من الرسوم الاثارية على الجدران وهي غير منتمية لمشهد مكاني واحد فبعضها يشبه في كيانته الطائرة داخل فضاء اللوحة الفن المصري القديم او الرسوم التكعيبية، ولكنه يتحرر من الخطوط الحادة وخاصة في عملية المحو التي تعقب وضع الكيانات في احتشاد مزدحم في اول وهلة، ولكن المراجعة الفنية واحتراس الفنان لإكمال المشهد النهائي للوحته. وهذه واحدة من تأثيرات الذين درسوه مثل مكابدات حافظ الدروبي في التكعيبية والانطباعية، وتأثيرات فائق حسن في اللون والحركة داخل اللوحة، إضافة الى دراسات الفنان مكي عمران المعنية بالمكان والفسلفة وتقنيات اللوحة التي دفعت به الى القاء اللون والكتلة دفعة واحدة دون اغفال اية نأمة وكأنه طفل يلقي بكل ماعنده من مفردات دفعة واحدة بكل براءة وان بدت القصدية واضحة على سطح اللوحة. أحيانا تجنح لوحاته الى مكان اخر غير عراقي في الجانب التنفيذي فنجد تقاربا مع السطح اللوني للفن السوداني باحتفاله بالشمس واللون الأصفر يقابه اللون القهوائي الداكن المستل من البشرة في افريقيا اصافة الى الازدحام لكائنات اللوحة وكأنها جدارية في كهف اكتشفت للتو من الاثار المصرية ويعود هذا بتقديري الى سعة اطلاعه وتعمق دراساته في المكان وفلسفة الفن والاشتغال الدؤوب دون انقطاع فهو كائن فني قبل ان يكون اجتماعي يستغرقة الدرس والتجريب والاشتغال اكثر من التصريح والظهور وان كان جانب الظهور يعوض عنه في مكانه الاكاديمي أستاذا في نفس انشغالاته الفنية ، لذا نجد مسيرته عبارة عن قماشة لوحة والوان وتنفيذ الى مالانهاية.
|
المشـاهدات 247 تاريخ الإضافـة 07/08/2024 رقم المحتوى 51020 |