النـص : يعد الاضطراب البيئيEnvironment Disturbance) (في المحتوى العراقي من الأمور المقلقة للمواطن الذي يعيش داخل البلد ، فالأجواء اكثر تلوثا من غيرها في المحيط الإقليمي ، فالذي تعرض له الماء والهواء والتربة خلال العقدين الماضيين جعل البيئة غير آمنة لا نتاج حياة صحية مستقرة وسليمة ، فوجود الأنشطة البشرية غير المسؤولة تسبب في اختلال التوازن الحياتي مما انتج بصورة عامة ارتفاع في درجات الحرارة واختلاط الغازات والعوادم السامة في الجو وتخلخل الضغوط وتباين في نسب الرطوبة وانتشار الاشعاعات الضارة ، وكل ذلك حاصل بسبب انحسار المساحات الخضراء وقلة التشجير وازدياد مساحات البناء غير المنظم والعشوائي كذلك نصب كثير من هوائيات أجهزة الهاتف المحمول وشبكات النت داخل المدن فوق الأبنية بمستويات منخفضة ، مضافا اليه ازدياد غير مدروس في عدد النفوس و في اعداد السيارات الهائلة والمولدات الكثيرة وأجهزة التبريد المختلفة وغيرها من المؤثرات الضارة بالبيئة والصحة والحياة عموما .كل ماتم ذكره يصب في اهمال المعالجات الحقيقية للدولة ويؤشر رصد للسياسات الخاطئة لادارة الملف البيئي الذي تفاقم كثيرا بعد عام 2003، ولكن لابد للشروع بالعمل، فرحلة الالف ميل تبدأ بخطوة جريئة ووثابة ، وان تنطلق من أساس متين وقوي ورصين يمكنها من الاستمرار والمطاولة لتحقيق نتائج مرضية في الحقل البيئي ، وبمساعدة منظمة اليونسيف تم نصب في بعض المستشفيات الحكومية منظومات معالجة مياه الصرف الصحي Wastewater )) وقد دخلت الخدمة في10/12/ 2023 ، كذلك معالجة المواد الصلبة الصحية والنفايات الطبية عن طريق نصب أجهزة خاصة صديقة للبيئة داخل مجمع مدينة الطب وإيقاف جميع المحارق للتقليل من الدخان والابخرة المتصاعدة نتيجة عملية الاتلاف بالحرارة والتي تسبب كثير من التلوث والاصابة بأمراض الرئة والسرطانات وغيرها ، وتعتمد آلية المعالجة للنفايات الطبية وتشمل المواد الصيدلانية والكيماوية والانسجة الحية والمواد المختبرية ضمن المرحلة الأولى وهي(الثرم) ثم التعقيم بالبخار ثم الطمر بعد اخذ عينات للفحص والتأكد من خلوها من أي اشعاع او مادة مضرة بالبيئة على ان تكون نتيجة الفحص في المختبر المتخصص هي ( صفر% ) وان يضمن المعمل المواد بعد المعالجة لمدة خمس سنوات ، وبالنظر لعدم وجود هذه المعامل في عموم المستشفيات ولضرورة الموقف تم استحداث نظام( شراء خدمة) يقوم على أساس وحدة الكيلو غرام من هذه المواد يتم نقلها من باقي المستشفيات والمرافق الصحية والمختبرية في برادات خاصة واستلامها بفواتير تثبت فيها عدد الكيلوات المستلمة ونوع النفايات في الحاوية ، اما ما يخص مياه الصرف الصحي وبمساعدة اليونسيف فقد تم نصب منظومة المعالجة بسعة 600 م (3) / يوم في مركز مستشفى معالجة امراض الدم ، كذلك في مستشفى دار التمريض الخاص ومستشفى الأطفال والحروق التخصصي حيث تم نصب ثلاث وحدات منفصلة سعة كل واحدة 200 م3 /يوم ، وقد جرى التعاقد على انشاء محطات مماثلة لمستشفى بغداد التعليمي والعيادات الاستشارية ومستشفى الامل للإشعاع والطب الذري ومستشفى الشهيد غازي الحريري للجراحات التخصصية وبواقع اربع وحدات معالجة سعة 400 م3/ يوم ، ونحتاج مثل هذه المعالجات في محطات توليد القدرة الكهربائية والمعامل التي ينتج عنها مياه ثقيلة ، ومن اللافت ضرورة تعميم التجربة اليابانية التي استخدمت في المنازل وحتى المرافق الأخرى وهي نصب منظومة تصفية لمياه الصرف الصحي وبسعات مختلفة حسب الشاغل للمساهمة في الحد من التلوث مع إمكانية الاستفادة من المخرجات الحاصلة كالاسمدة والمواد العضوية الأخرى . ليكون المواطن قد ساهم في التقليل من الجهد الحكومي وساهم أيضا في المحافظة على البيئة التي يعيش فيها .ومن الجدير بالذكر ان معدل حجم مياه الصرف الصحي Wastewater )) لعموم العراق يتراوح بين (5-7 ) مليون متر مكعب يوميا ، وان حصة بغداد تصل الى 700 الف م3/ يوم ، وان كمية النفايات المرفوعة لعموم العراق هي 30،200 الف طن يوميا ،وحصة بغداد اكثر من 9 الاف طن باليوم ، وان مراكز تجميع النفايات هي التي تقوم بتدويرها ( MFU) ، اما الجهد الحكومي والسياسات والإجراءات لمعالجة هذه الجزئية لا تتعدى 15% من حجم المياه الملوثة من خلال محطات الرستمية والكاظمية وابي نؤاس ،علما ان المياه الثقيلة تحتوي على المعادن وبنسب متفاوتة من الرصاص والكادميوم والزنك والحديد مما جعلها ملوثة لمياه الأنهار بشكل كبير ، ومما يزيد الطين بلة ماتطرحه العشوائيات والسكن غير النظامي وهي خارج التخطيط العمراني Urban Planning لمدينة بغداد وهي تصب مياه الصرف الصحي في( المبازل) مما يفاقم الامر ويصّعب المعالجات لعدم وجود شبكة تصريف من المبازل الى الأنهار .لقد أوضحت البيانات الرسمية انتاج المواطن العراقي من النفايات هو بمعدل 1.1 كيلو غرام يوميا وهذا يعني وجود كمية هائلة من النفايات بمختلف أنواعها ومصادرها ، اذ نرى ان إدارة معالجة النفايات تمر بثلاث مراحل ابتداءاً من المنتج وهو المواطن وثانيا الدور الحكومي الحاصل بالنقل وأخيرا هو الطمر، في حين تُعّد النفايات ثروة كبيرة للبلد ولكنها في العراق (ضائعة ) ..! اذ يمكن استثمارها والاستفادة منها في كثير من المجالات كتوليد القدرة الكهربائية و صناعة الأسمدة والاسفلت والمواد العضوية والورقية والبلاستيكية والزجاجية وغيرها من خلال انشاء معامل التدوير والفرز والتعدين . يتضح من خلال ذلك اننا نحتاج أولاً الى التشريع لـ (قانون النفايات) كما هو موجود في الأردن والامارات وتونس والمغرب يكون ملزما للمواطنين وبقية المرافق المعنية ، اذ يحدد المهام والمسؤوليات ويفرض الغرامات والعقوبات على المتجاوزين ويضع حدود للتلوث ويثبت الأراضي المخصصة للطمر وأيضا ينظم الاستثمار في النفايات ، وثانياً الى الوعي المجتمعي والدراية الكافية عن النفايات واهمية الاستفادة منها وتصنيفها وكيفية فرزها ، والى وسائل اعلام تضخ صور وفديوات توعوية تنصح المواطنين بضرورة النظافة وجمع القمامة ورميها في اماكنها ، وثالثاً التوافق بين الوزارات والهيئات المعنية كالبلديات والصحة والبيئة والكهرباء والتربية وكل من له علاقة بذلك ،ورابعاً الاستفادة من البحوث العلمية والرسائل الجامعية والاطاريح التي لها علاقة بالموضوع ، لان النفايات والمياه الثقيلة تؤثر حاليا وعلى الأجيال القادمة سلبا اذ لم تعالج ، وكلنا امل بان يكون بلدنا افضل مما هو عليه باذن الله.
|