النـص : الكتابة عن رئيس وزراء صعبة .. حتى لا تفسر في اطار مشوش كما هي لغة السياسة التي لا تخضع الى منطق .. وطني لم يخلق من طرازه سواه .. هكذا وجدته وستتفق معي عزيزي القارىء عندما تتابع خطواته في اطار المسؤولية او بعيدا عنها .. عراقيته جامحة بلا حدود .. وعروبته طاغية بلا ضوابط .. افكاره متمردة باستمرار لأنها تناصر الحق والحقيقة ، بل وتناصر المظلوم بوجه ادق .. هموم الوطن والمواطن قضيته الاولى .. وابناء ( المسحوقين ) هم وجدانه .. والزمن العربي هو وحده شغله الشاغل رغم الضغوط الكبيرة التي يواجهها انه رئيس وزراء العراق المهندس محمد شياع السوداني الذي استطاع ان يروي تربة العراق بوطنيته النزيهه وبثقافة متنوعة .. اذ كان انصافه لشعبه الذي تحمل الكثير منذ الأحتلال البغيض وحتى الان هي بداية مشواره في التحدي ، فأن النهاية ما زالت بعيدة ، لكن السوداني يقترب منها أكثر من الأخرين بتفاؤله المزروع في اعماقه وبأمله الذي لم يفارقه لحظة حتى في اسوء اللحظات المأساوية التي يعيشها العراق وشعبه .. فحين تصغي اليه وهو يتحدث عن القصف والدمار .. عن المتاجرة بالهوية وشبح الموت الذي يتجول في الأزقة والشوارع في كل المدن الباكية وحيتان السحت الحرام في الزمن الجديد كانت رؤيته (صباح الخير ياعراق) .. ولما صار الرصاص لغة الحوار بين البعض وتلك الطائفية المقيته النائمة التي حاول البعض ايقاظها ، والتحزب اساس الفرقة كانت الدمعة العراقية حادة اكثر من نصل خنجر مسموم .. اجل هكذا اجدها تلمع على وجه السوداني دون ان يراها غيري ، لأنني احسست بها لقربي من افكاره وتطلعاته وألامه ..ليس سرا عندما اقول ان معاناة رئيس الوزراء ما زالت مستمرة على الرغم من موقعه المتقدم في الدولة هو يجد في ذلك مسؤولية كبرى اثقلته في الزمن الصعب بعد ان واجه تركة ثقيلة تهتز لها الجبال .. لان الجرح العراقي ظل يرافقه حيثما كان .. ويكبر معه مع ايام الحزن وليالي القهر التي يعيشها العراق .. رئيس الوزراء الواعي الامين يقذف دائما بحجارته الوطنية في الوجوه الكالحة ، لأن الغالبية ترتكب الخطايا والذنوب .. خطايا الصمت والخنوع وذنوب التفرج والتسكع سواء بين مؤشر الراديو الذي تجمد (...... ) وهو ينقل الأخبار الكاذبة او بعض القنوات الفضائية لا فرق ، او عبر الرواة الذين ينقلون اخر الأخبار والتحليلات .. وهم رهن اشارة الأسياد بقمصانهم العراقية .. السوداني وحده رفض ارتداء ذلك الثوب المصبوغ بالرياء خيوطه من كذب وازراره اوسمة من تلك .. فظل ظاهرا حتى اقدامه متدثرا بثوب الحقيقة الصارخة والتي تمزق جسده قبل ان تمزق ما يستره .. نزاهة السوداني التي عرفتها بعد ان تعرفت عن قرب بحكم عملي الأعلامي انه يجبر الأخرين على قراءة لوحاته حتى أخر سطر .. نعم انه الفنان الذي لم يتقن مزج الألوان .. فالابيض والأسود هما لغته الحادة في نبراتها والواضحة في معالمها ومضامينها وابعادها .. فالرمادية ليست اسلوبه .. والضبابية ليست من طباعه .. تركها للذين اعتادوا الأنهزامية وسط صرخات قرارات الاستهلاك المحلي والمتاجرة السخيفة .. اروع ما في محمد شياع السوداني مع حفظ الألقاب انه صرخة عربية تهدر بلهجة عراقية .. واجمل ما فيه انه ذلك الثائر المتحمس للوطن والمواطن ومنفتحا ومبتسما لكل الذين يهتفون بالحرية . وأخيرا اقول .. لم تتسع الذاكرة ان تدون كل ما نطق به وانجزه طيلة فترة قيادته البسيطة لمجلس الوزراء لأن الوقوف امام لوحاته ( صدقة ) هي تلك التي اعتدنا عليها كفنجان قهوة الصباح .. لنتابع بصدق النوايا لرجل ينتمي الى رحم تربة طاهرة وهو يحمل ذلك الهم العراقي برحابة صدر والذي شمل قضايا عديدة فقدم من اجل الواقع العراقي بدءا من الحاضر وانسحابا الى الماضي .. صور الحاضر وكيف يعيش الأنسان فيه وسط تساؤلات الحيرة .. والضياع احيانا وهو يغرق فيها دون ان يرى طريقه للخلاص ومع ذلك بقي ( صامدا ) وبصدق مبدع صور ودرس واقع الديمقراطية والحرية ذلك الهاجس الذي يعيشه الأنسان وكيف اصبح عورة نتخفى عن النطق بها ، وعيوننا مليئة بكم هائل من الحزن .. هكذا صور السوداني هاجسنا الملح ، ولوجود الرؤية العراقية الواضحة لديه من خلال غوصه بوعي غير محدود في واقعنا السياسي قدم للجميع لوحة بيضاء كتب عليها ( محمد شياع السوداني رئيس وزراء العراق في الزمن الصعب ) ينتمي الى جذور وطنية حية ولا يجد في كرسي المسؤولية سوى الهم الأكبر في المواجهة والتصدي والتحدي وقول الحق ...هكذا وجدته كمراقب منصف لا يجيد لغة المديح والأطراء قدم لنا قوة الرؤية العراقية من خلال مفردة الصدق ومسؤولية الواجب .. شكرا دولة الرئيس .. لوطنيتك وعروبتك التي سنتغنى بها دوما ساعة بزوغ الشمس
|