النـص : علي صحن عبد العزيز
بطبيعة الحال فأنك تستطيع أن تنشر ما تريد وقت ما تريد وبالإمكانيات المتوفرة لديك دون المساس بحريات الآخرين وحقوقهم؟ فأذا كان يخصك المنشور فلا داعي أن تنتهك حقوق صفحات أصدقائك الآخرين والمتواجدين معك على الصفحة ، وبذلك تزعجهم من ممارسة النشر على صفحاتهم الرئيسية بدواعي زيادة عدد المتابعين حسب اعتقادك ، فلربما هنالك الكثير منهم يمتلكون قناعات وأفكار مغايرة عكس ما تكتبه أنت ، وهنا يتبادر سؤال هل أنا ملزمٌ بالاحتفاظ بمنشورك على صفحتي الشخصية سواءً كنتَ مقتنعاً بها أو غير مقتنعٍ بها؟ وكيف لنا أن نتتقبل جميع هذه التناقضات التي نحملها في عقولنا ،وأظن من حقي أن أختلف معك وهو حق وملك لي وأرد بها على الآخرين حسب قناعتي، إلا أن الشخص الذي يشير بنشره لي يرى غير ذلك تمامًا وأنه المهيمن على صفحات الآخرين دون أي وجه حق ، ولذلك سيدافع تلقائياً عن هذه الحالة التي قد يراها مصدر تهديد لوجوده ولصفحته الهشة ! ولكن ثمة سؤال آخر هل محق بإزالة منشوره من صفحتي الشخصية مصدر إزعاج لصفحته الشخصية؟ في الحقيقة لا! فلكل شخص له منشوراته الخاصة على مواقع التواصل الأجتماعي ، وكذلك وله حرية النشر وبما لا يضر مباشرة بحريات الآخرين وحقوقهم، ومن المنطقي أحترام جميع الأفكار في مواقع التواصل المتعددة لطالما كانت لا تمس بالحقوق والحريات مهما كانت متباينة ، أننا نحتاج ثقافة نشر حقيقية نعيد بها ترتيب منشوراتنا وفق قواعدها السليمة وأساليبها الواعية أيضاً لكي نصل إلى نشر متعدد قادر على المنافسة والتطور ولا يسود فيه صفات الأنانية وحب الذات والشهرة على حساب الآخرين ، وأننا نحتاج كذلك أن نمنح مساحة كاملة خاصة بنا تمنحنا قدرة أكبر على الإبداع والتطور وتخلق من منشوراتنا ثقافة نشر تعطي للمنشور تنوعاً فكرياً متعدداً يساهم في تناوله بشكل مهذب ، فلكل شخصٍ الحقُ في نشر فكره الذي يعتقد أنه على صواب دون إجبارٍ أو إكراه بالأشارة الى منشوره دون أخذ موافقة صاحب الصفحة المشار إليها ، وهذا ما يسعى إليه الكثير من الذين يمتلكون صفحات قوية ومؤثرة حيث يسعى هؤلاء إلى غرس تنوع ثقافي وفكري على مواقع التواصل الاجتماعي والذي من شأنه أن يحترام جميع الأفكار التي يحملها في رأسه بغية اختيار مسار النشر سواء كان ثقافيًا أو إدبيًا والذي يجده أقربَ ما يكون لفكره وأكثرُ قناعةً به، ومما يجدر الإشارة إلى أن عدداً من الشعراء خصوصًا أو الأدباء يستحوذ على صفحات الآخرين دون أي مسوغ مقبول ضاربًا عرض الحائط كل مفاهيم النشر الواعية كما أن إدارات المواقع تساهم بشكل كبير في منح الحرية للنشر والاشارة فأغلبها قائمة على الكسب والشهرة والتلقين وبما تراه مناسباً لفكرها المهيمن ، وما يزيد الطين بلة في كثير من الأحيان هو فرض المزيدٌ من الهيمنة بالأساليب القائمة على عدم احترام الصفحات الشخصية ناهيك عن غياب لغة الحوار والإقناع لمثل هذه الإشارات الاجبارية وهذا ما يؤدي إلى مظاهر الإقصاء وعدم قبول الأختلاف ، أذن لابد من أن نحترم الأختلافات الفكرية والثقافية والتعددية بين أصدقاء مواقع التواصل الاجتماعي بالعقل والمنطق بغية إيجاد ثورة حقيقية نعيد بها ترتيب مفاهيمنا لقواعد النشر وأساليبه المتحضرة أيضاً لكي نصل إلى مائدة نقاش متعددة قادرة على المنافسة والتطور لا يسود فيه صفات الأنانية وتقدس حرية الآخرين ويحفظ حقوقهم المشروعة على صفحاتهم الشخصية.
|