سؤال الهروب من المادي الى المعنوي في رواية "قبر الابيض المتوسط " |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص : مؤيد عليوي ثمة سؤال فلسفي تحمله رواية كريم صبح " قبر الابيض المتوسط" ، إلا وهو لماذا يحاول الانسان أن يعرف كلّ شيءٍ عن الماضي؟ هذا السؤال ليس صريحا في المتن ولا من السهل معرفته في النسق الظاهر من السرد بل يكتشفه المتلقي من أفكار النسق المضمر المبعثرة بطريقة بفنية ، يكتشفه فيما بعد انتهاء الرواية والتأمل في سبر الاحداث للسرد ولمواقف شخصياتها خاصة شخصية دكتور وجدي زينل الذي تقاعد من وظيفته الجامعية استاذا لمادة التاريخ، واتجه لكتابة الرواية الادبية تشبه روايات دوستويفسكي، من خلال حضوره جلسة استحضار الأرواح مع مجموعة سخصيات روسية تقوم بهذا التي تبحث ان تحضّر روح دوستويفسكي ليفيد منها وجدي في كتابة روايته، فيكون التناوب في الزمان بين الوقت السردي الحاضر لشخصية وجدي في زمن الموبايل والتطور العلمي ، وبين وقت دوستويفسكي الذي لا تحضر روحه ،بل تحضر روح كافكا للحديث عن دوستويفسكي،: (- مفهوم سيد كافكا، هلا اسمعتنا - بكل سرور - لم يكن يقرأ، كمَنْ يمرر عينيه على السطور وشفتاه تسبقانهما :" هل تعرفين قصة اول نجاح صادفه دوستويفسكي ؟ فيما كان دوستويفسكي يكتب روايته الاولى " الفقراء " ، ...) ثم يدخل الحوار بين روح كافكا وجدي والمرأة الروسية التي تقوم بعملية تحضير الروح ،فيكون الحوار والنقاش انسانيا حول شخصية دوستويفسكي .. في هذا النسق تدور أحداث وآراء مختلفة حول تاريخ كتابة الرواية وشخصيات كتبتْ الرواية من مثل رأي كافكا حول دوستويفسكي ،ليكشف النسق المضمر أن هروب دكتور وجدي من التاريخ المكتوب المدون في الجامعة الى تاريخ الادب الروائي وتاريخ روسيا القيصرية في مدة القصير الاسكندر الثاني الذي صدر مرسوما يغلي عملية استحضار الأرواح في بطرسبرج، عبر مخيال واسع لنقل المتلقي من عالمه الاصلي قبل المطالعة والتلقي الى عالم الرواية ووقتها الحاضر عندما تقاعد دكتور وجدي ثم ينتقل الى عالم المخيال في مكان ثان إلا وهو روسيا بطرسبرج وسيبيريا ، وفيها ينتقل المتلقي الى عالم الزمان الماضي / تاريخ الادب الروائي الروسي / دوستويفسكي بالطريقة التي تقدمت ، بعد عدة مواقف ومشاكل تواجه عملية استحضار الروح ، فثمة نسق مادي ملموس في عالم دكتور وجدي زينل ، يوازيه عالم روحي غير ملموس هو عالم الارواح من خلال توظيف المخيال واحلام اليقظة عالم الارواح الروسي، فالتاريخ المادي الذي مبني على الاحداث المنقولة وكان يدرّسه دكتور وجدي وتركه متقاعدا .. وسافر الى روسيا الاتحادية موسكو وبطرسبرج وسيبيريا ليجد نفسه في مواجهة تاريخ الروح الادبية المعنوي في فحوى ذلك العالم ، في سرد ممتع يسافر بك من مكان الى مكان ومن زمان الى زمان بطريقة غير مألوفة حيث ينتقل السرد قبيل نهاية الرواية الى مدة تشيخوف ومكسيم غوركي فالأول يمتدح مدينة بطرسبرج للثاني ويدفعه الى زيارتها فيسافر لها ويكتب ما كتبه دوستويفسكي عنها مع العلم ان الفرق بينمها ٥٠ عاما ( ما اشد حزني وأنا ادخل بطرسبرج، كنت اقلب مستقبلي بغموض ونحن تلك الساعات المميتة لوصولنا ، بدت لي بطرسبرج والحياة القادمة فيها فظيعة.. ) ص ١٨٨ وهي المشاعر ذاتها عند دكتور وجدي وقد شجعته زوجته على السفر الى روسيا كما حدث مع مكسيم غوركي ،لكنها لا تعلم رغبته الجامحة لاكتشاف عالم دوستويفسكي من أجل كتابة رواية، ثم يعود الى بغداد ليتكب روايته فيما بعدُ فلم تنتهِ الرواية انه كتب رواية لكنه فعل قامت عليه الرواية طموح الشخصية دكتور وجدي استاذ التاريخ المتقاعد في ان يكتب رواية بعد عودته من روسيا ، بعد أن أكمل جلسات تحضير الروح ،واطلع على ما لا يعلم من أمر الأرواح في روسيا ، في عملية تفريغ حمولة معرفية من المؤلف كريم صبح ساقها بانساق مختلفة متوازية نسق بجنب نسق بين المادي والمعنوي ، بين التاريخ والحاضر ، في مقارنة خفيه ونسق مقارن مخفي بين العرب وباقي الاقوام (أن العرب يقرؤون التاريخ ولا يتعظون به) ص ١١ والحاضر العربي خير شاهد من كثير من الاحداث واقربها فلسطين غزة ، أن الإنسان يبحث عن التاريخ والمعرفة بشتى الوسائل كما قدم السرد المتخيل في روسيا من السرد الروائي، وذلك للإجابة عن سؤال عن الحاضر والمستقبل من خلال الافادة من الماضي كما فعل دكتور وجدي الذي أراد فعلا مستقبليا هو كتابة رواية أدبية فقصد الى مكان الرواية الروسية/ دوستويفسكي ومرّ بمراحل مختلفة بين الواقع المادي وأحلام اليقظة والاتصال بالروح الأخرى من العالم الماورائي ، لكي يعود الى بغداد ويكتب روايته وهذا هو الجواب عن السؤال الفلسفي في مقدمة هذه السطور، لم تكن الرواية بالشكل الذي اكتبه بهذه السهولة الواضحة هنا، بل تأخذك الى عوالم غير مألوفة بأسلوب الراوي مرة وبأسلوب صوت المتكلم تارة أخرى كما ان الحوار فعال فيها بشكل غير مألوف ينزاح من الحوار بين الشخصيات الى السرد المباشر كما قدمت هذه السطور في أولها انموذجا منه، كما هناك ميزة تشير بتوظيف تقنية الطباعة المعاصرة اقصد الطباعة بخط مختلف ولون غامق لإبراز المقولة المهمة التي يريدها المؤلف كريم صبح أن تظهر بإمعان للمتلقي والقارئ ، لما لها من تأثير في عملية الاجابة عن السؤال الأول "لماذا يحاول الانسان أن يعرف كلّ شيءٍ الماضي؟"
|
المشـاهدات 178 تاريخ الإضافـة 14/09/2024 رقم المحتوى 53391 |
مثقفو العراق : بين المنحة والمحنة !! |
سقوط الاسد والتأثير العكسي على خارطة المنطقة |
كوميديا المنسي!! م/الارث والتقصي |
منتخب الشباب يتعادل أمام فريق الكرخ تجريبياً |
الامين العام لوزارة الدفاع يبحث مع قائد بعثة الناتو تعزيز التعاون في التدريب والتسليح وتبادل الخبرات وزير الداخلية يبحث مع قائد بعثة الناتو في العراق جملة من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك |