الجمعة 2024/9/20 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 24.95 مئويـة
علاء الجابر: لا أصدق من يقول إنه لا يهتم بالجوائز الأدبية والثقافية ثلاثون مهرجانا مسرحيا سنويا.. كيف يقال إنه لا مسرح في مصر؟
علاء الجابر: لا أصدق من يقول إنه لا يهتم بالجوائز الأدبية والثقافية ثلاثون مهرجانا مسرحيا سنويا.. كيف يقال إنه لا مسرح في مصر؟
مسرح
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

متابعة ـ الدستور

تبقى الطفولة المؤثر الأول والأبرز في تجارب الكتّاب، سواء حين ينهلون منها مادة أو رؤى لكتاباتهم أو حين يستفيدون منها في تشكيل عوالمهم، وهذا ما يقره الكاتب والناقد المسرحي العراقي علاء الجابر، الذي كان معه هذا الحوار.المسرح عالم خاص، جزيرة حالمة، دولة مستقلة، ديمقراطية وحرة، لا مكان فيها للحجب والستر، فلا وجود لحائط رابع يفصل الفعل عن رد الفعل، إنما هو التفاعل اللحظي المباشر، مع أو ضد، لذا فإنك تجد هذه الأرض. خشبة المسرح، تظل تجذب إليها العشاق المحبين، من جماهير وفنانين، المنتمين لدولة المسرح، مهما تتباين الأجناس وتتعدد الجنسيات.علاء الجابر، كاتب وناقد مسرحي وروائي عراقي، يقيم في الكويت، ويرتبط بمصر، شارفت رحلته في المسرح على إتمام أربعين عاما، كتب خلالها في رحابه ومختلف مجالات الإبداع، له العديد من المسرحيات والقصص والأشعار والأغاني والأوبريتات.يكشف الجابر في حديثه أنه حصيلة مثلث ارتبط بزواياه، ساهمت جميعها في تشكيله، فهو عراقي المولد، كويتي النشأة، مصري الهوى، والدول الثلاث أوجدت كيانه، فصار جزءًا منها، وصارت الكل له.ويقول “ولدت في بصرة السياب، حيث شط العرب والنخيل الذي يصنع جغرافية الروح، ويجمع بين الحضارة المنسوبة لمدينة، حفظ لها التاريخ مكانتها، وأفرد لأعلامها ونجومها الكثير من صفحات الكتب. عشتُ في بصرتي الجميلة بأهلها البسطاء الرائعين طفولة مدللة وسط ست أخوات كنت بينهن الولد المدلل إلى حد ما، خاصة بالنسبة لعمتي رحمها الله، وساهمت في ذلك ظروف مادية جيدة، وصلت أحيانا حد الرفاهية”.

 

ميراث تجربة الطفولة

 

قبل أكثر من خمسين عاما، قررت أسرة علاء الجابر الانتقال سريعًا إلى الكويت، بسبب عدم الاستقرار السياسي حينها، فترك أفراد الأسرة أرواحهم في بيتهم في العراق، وكان الفراق مرًا بالنسبة إلى طفل بدأ للتو يشكل عالمه الصغير بما يحويه من ذكريات خضراء يانعة.وفي الكويت، تفتحت عينا الطفل علاء على عالم آخر، بيئة أخرى قد لا تكون مختلفة كثيرًا عن بيئة البصرة لكونها الأقرب إلى الكويت، لكنها بالتأكيد بيئة لها خصوصية اللهجة والمكان وطبيعة الحياة، فبدأ في تكوين رصيد من الأصدقاء والذكريات والانفتاح على دولة حديثة مستقرة.يؤكد الكاتب العراقي في حواره أن أول ما أبهره في الكويت تلك الحياة الثقافية المنفتحة على كل العالم العربي بلا حدود، فنهل العلم من مدارسها، وتلقف الثقافة من مكتباتها العامة، ومطبوعاتها المتعددة، وعمل بعد التخرج كباحث في قسم ثقافة الطفل في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت، فكان التأثير والتأثر.وبالنظر إلى أن الجابر لم يستطع حمل كل إرث العراق بداخله وهو يغادرها في أول مراحل الطفولة، استعاض عن ذلك بقراءة كل ما يمكنه من ثقافة وتاريخ وحضارة وموسيقى وغناء ومسرح وتشكيل، تعويضا عن البعد جغرافيًا.ولعل أحاسيس ذاك الطفل الصغير إزاء تجربته المبكرة التي واجهها، هي الإرث الشعوري والنفسي الذي حمله علاء الجابر عبر السنين داخله، فراح يهتم في كتاباته بالطفل خصوصا، ويوجه له إبداعه بمختلف الفنون والأشكال، بالمسرحية والأغنية والأوبريت والرواية. ووصلت روايته “أرض البرتقال والزيتون” الشهر الماضي إلى القائمة القصيرة لروايات الفتيان غير المنشورة في جائزة كاتارا.ينظر الكاتب العراقي إلى الطفل العربي بحنو، معتبرا أنه لا يحظى بعُشر ما يحظى به الطفل الأوربي أو الياباني مثلا، فالطفل هناك له كيان يُحسب حسابه في كل القوانين، وإن تكن لدينا في أغلب أو جميع الأقطار العربية قوانين تحمي الطفل؛ لكن هل يتم تنفيذها، الواقع ينفي ذلك غالبا إلا في بعض الدول.ويقول الجابر “مازال الطفل في كثير من أقطار وطننا الكبير يعاني الحروب والتشتت والإهمال والتعنيف والقسوة، ويُفرض عليه العمل المبكر والزواج المبكر والإجبار على اختيار تخصصه الدراسي، فضلا عن الواجبات المدرسية الثقيلة والكتب التي ترهق جسمه الضعيف، وسوء التغذية، وحتى في مواقع الثقافة والمتعة والترفيه هو خاسر بلا شك، ولو حسبنا ما يُصرف من أموال طائلة على الحفلات الغنائية مثلا، فلا يمكن مقارنته بما يُصرف على أي عمل فني للطفل”.ولا يصدق الكاتب العراقي أبدا كل من يقول إنه لا يهتم بالجوائز الأدبية والثقافية، وإلا لما تطرق لها من الأساس، معتبرا أن قليلين من يزهدون فيها، لكن الكثيرين مشاركون سريّون بها، وبعضهم يشنون الحملات عليها لأنهم لم يصلوا يومًا إلى مبتغاهم منها.ويعبر عن سعادته بكل جائزة يصل إليها، بما فيها وصوله للقائمة القصيرة في رواية الفتيان بجائزة كتارا أخيرا، لعلمه بسمعة الجائزة المرموقة وعدد المتنافسين فيها، وقبلها حين وصل للقائمة القصيرة في رواية الفتيان بجائزة عبدالحميد شومان، وعندما حصلت روايته “هولندا لا تمطر رطبًا” على جائزة نادي القصة في مصر.للجوائز إذًا أهمية كبرى في نظر علاء الجابر، كما يقول، خاصة تلك التي تقوم بطباعة منتج الفائز، “كما في مسابقة الكويت الدولية لتأليف قصص الأطفال التابعة للأمانة العامة للأوقاف في الكويت، التي أتشرف بعضوية لجنة الإشراف فيها، لما تتمتع به من شفافية ونزاهة كبيرة وإدارة واعية، وجائزة شومان، والهيئة العربية للمسرح، وجائزة الشارقة، وجائزة أدب الطفل في قطر، وجائزة زايد، والعويس، وجائزة سلطنة عمان، كلها جوائز مفرحة ومشجعة”.ولا يقتصر اهتمام الكاتب العراقي بالجوائز على السعي لنيلها أو الاشتراك في عضوية لجانها، إنما قام عام 2017 بإطلاق “جائزة علاء الجابر للإبداع المسرحي” دون دعم من أية جهة، وذلك بعد إقامته عشرات من ورش الكتابة الإبداعية في الوطن العربي، ليجد أن كثيرًا من المواهب والمبدعين تضيع إبداعاتهم بعد الورشة، فكان التفكير في الجائزة التي تأسست بسيطة، لكنها كبرت مع إقامة الدورة الرابعة منها هذا العام.ويذكر علاء الجابر أنه “ما كان للجائزة أن تستمر لولا إيمان الشباب المشارك فيها من كل أقطار الوطن العربي، والمساندة الفعلية من أحبتي وأصدقائي نقاد ومؤلفي ومخرجي المسرح في مختلف الدول العربية، ونادرًا ما عرضت على أحدهم تحكيم المشاركات ورفض، لذلك مر عليها حتى الآن 30 محكمًا عربيًا تطوعوا بحب ليحكّموا المشاركات”.ويشدد على أنه كان محظوظًا بالعمل تحت مظلة كيان ثقافي ومجتمعي مميز اسمه “مؤسسة زادة للمرأة والتنمية”، تشرف عليه وتتولى رئاسة مجلس أمنائه قامة ثقافية مصرية بارزة هي الأكاديمية رانيا يحيى عميدة المعهد العالي للنقد الفني، ومدير الأكاديمية المصرية للفنون في روما مؤخرا، التي قدمت للجائزة كل الدعم اللوجستي والمعنوي لإقامة الاحتفالية تحت مظلتها.وتوجه بالشكر إلى سيدة المسرح العربي الفنانة المصرية سميحة أيوب، التي رعت بكل محبة حفل توزيع الجوائز في الدورة السابقة، ومدير التنسيق والإعلام في الجائزة المبدعة المسرحية صفاء البيلي، ومدير العلاقات العامة في الجائزة هبة السيد لما تقومان به من مساندة ودعم إضافة لفريق الشباب المتطوع في العمل مع الجائزة، لافتا إلى أن المخرَجات تبشر بخير مع زيادة عدد المشاركين، وطباعة الجائزة جميع المقالات والنصوص الفائزة التي وصلت حتى اليوم إلى ثلاثة إصدارات تُقدم مجانًا.الكاتب والناقد العراقي علاء الجابر، طاقة إبداعية متعددة المواهب، وبين هذه المواهب النقد الفني، لذا قام العام الماضي بتأسيس مجلة “نقد × نقد” الإلكترونية، بالاشتراك مع الناقدة الأكاديمية سعداء الدعاس “رفيقة الدرب”، بناء على رغبة قديمة لها لتشجيع الشباب الموهوب في الكتابة، خاصة المنتمين للورش العديدة التي أقامها الجابر في أرجاء الوطن العربي، أو أقامتها سعداء، بالإضافة إلى حصيلة تدريسها مواد النقد والأدب المسرحي في المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت.ويوضح الجابر قائلا “الله شاء أن يهبنا فتاة بأخلاق ملاك، لتكون أول سكرتير تحرير للمجلة هي الناقدة رانا أبوالعلا رحمها الله، ولم يمهلها القدر للاستمرار معنا، حيث شكلنا مع فؤاد الدقس كمدقق لغوي فريقًا نجح خلال أقل من عام في رفد المشهد النقدي في الوطن العربي بالكثير من الأسماء أغلبها لم ينشر من قبل، ونجحنا في جذب الشباب مع الإبقاء على التواصل مع جيل النقاد المحترفين. وبات للمجلة فريق تحرير من خيرة الشباب المبدع، بجانب سكرتيرة التحرير الحالية الناقدة شيماء مصطفى، التي باتت معروفة في الوسط الثقافي الأدبي لتميز كتاباتها خاصة في النقد الأدبي”.

 

عبارة متشائمة جدا

 

قبل رحيل النجم المصري سعيد صالح، قال في لقاء تلفزيوني “مافيش مسرح خالص في مصر حاليا”. سألتُ الكاتب والناقد المسرحي عن رأيه في الحركة المسرحية بمصر بعد مرور أكثر من عشر سنوات على تلك المقولة، إن كان لا يزال هناك مسرح.اعتبر علاء الجابر في حديثه أن هذه العبارة متشائمة جدا، وغير واقعية إطلاقا، قائلا “من خلال متابعتي المباشرة والدائمة للمشهد المسرحي المصري أستطيع الحكم عليه، وأستطيع القول عن قناعة كاملة إن المسرح المصري بخير، نعم، بل إنه يكاد يكون من أبرز التجارب المسرحية في المنطقة”.ويدلل على رأيه بعناصر وأسباب عدة، أولها أن المسرح المصري غزير الإنتاج، “فأنت تستطيع في نفس الوقت متابعة عروض لمؤسسات الدولة، مثلما تتابع عروضا للمعاهد والجامعات، والأندية وقصور الثقافة والمسرح المستقل”.ويلفت إلى أن هناك سنويا حوالي ثلاثين مهرجانا مسرحيا حكوميا أو خاصا، في القاهرة والمحافظات، وربما أكثر، تقدم عشرات العروض المسرحية ومئات من صناع تلك العروض.كما أن متابعة ثلاثة أماكن فقط على سبيل المثال، كما يقول الجابر، تثبت أن المسرح المصري بألف خير، أولها المعهد العالي للفنون المسرحية بما يخرجه من عشرات الأسماء والعروض سنويا، وثانيها جامعة عين شمس بما تقدمه من مسرحيين وعروض مسرحية كثيرة كل عام، وثالثها مركز الإبداع بقيادة المخرج خالد جلال والأعداد الرهيبة من صناع المسرح الذين يصدرهم كل عام ليكونوا نجوما في المشهد المسرحي، إضافة إلى مخرَجات بقية الجامعات والمعاهد والورش ومراكز الشباب وأندية المسرح وقصور الثقافة في جميع المحافظات.ويقول “في حين تجد عروضا لجيل الكبار، تجد عروضا لجيل الوسط، وعروضا أكثر للشباب، وبإمكان أي باحث يريد قراءة المشهد أن يرى تعدد الأجيال بوضوح في المشهد المسرحي المصري، الذي يضخ كل عام مجموعة من أسماء المبدعين الشباب على كل المستويات، فأصبح يزخر بأسماء المواهب الشابة المبدعة، لذا فالمسرح المصري سيظل بألف خير”.

 

محمد شعير

 

 

 

المشـاهدات 29   تاريخ الإضافـة 17/09/2024   رقم المحتوى 53518
أضف تقييـم