السبت 2024/12/21 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 9.95 مئويـة
على ورق الورد التسميات الفنية وقيم الريادة منذر عبد الحر
على ورق الورد التسميات الفنية وقيم الريادة منذر عبد الحر
فن
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

         تميّز العراق بأصالته وريادته في أمور حضاريّة كثيرة , ومنها الفنون والآداب , وهذا التميّز تم تاشيره في أكثر من مناسبة وأكثر من دراسة وبحث , لذلك كان على المعنيين بأمر الثقافة والتراث أن يحافظوا على ملامح هذه الريادة بإحياء معالمها , وإعادة تلميع ما تناثر عليه الغبار , بكل ما في هذه الكلمة من معنى , ولا نريد هنا أن ندخل في تفاصيل ومماحكات قد تنزل خطابنا إلى منطقة لا نريدها , رغم أن البعض من قساة الضمائر , الذين يشعرون بعقدة من التاريخ ومنجزاته , يحاولون الإساءة لرموز في الريادة , احتفى بهم العالم قبلنا , وعرفونا من خلالهم , وأنا هنا أعني الشاعر الرئد بدر شاكر السياب الذي فتح في القصيدة العربية آفاقا مهمة ظلت طريقا ممهدا للمزيد من الابداع لمن جاء بعده من الشعراء .

 

         ما أريد قوله هنا , ليس بخصوص رموز الأدب والفكر من الروّاد , فقضيتهم تتطلب بعدا آخر مختلفا في التشخيص والمعالجة والمقترح والطموح حول ما نريده لهم , لكنني بصدد الحديث عن روّاد الأغنية العراقيّة الأصيلة , سواء في الريف حيث الثلاثي الذهبي داخل حسن وحضيري أبو عزيز وناصر حكيم , أو في المدينة حيث ناظم الغزالي والقبانجي وغيرهما ممن ترك بصمة حقيقية في الأغنية العراقية , فعلى الرغم من أن هناك فرقة غنائية سميّت بفرقة "ناظم الغزالي " وهي فرقة مبدعة , تتمتع بالقدرات الصوتية واللحنية والحرفية , لكنها تعيش  على هامش الأحداث ولا يوجد دعم حقيقي لها , مما جعل نشاطها محدودا وعطاءها قليلا , أما الآخرون فقد غاب ذكرهم ولم تنصفهم الذاكرة إلا في برامج متباعدة هنا وهناك , ولم تابعنا أخوتنا المصريين لعرفنا أنهم أقاموا مهرجانات ومتاحف وفرقا كبيرة لرموز الفن والغناء وأعادوا إحياء تراثهم من خلال مجموعة مبدعة من الشباب الذين يؤدون أعمالهم بمهارة وإتقان وإخلاص أيضا , مؤكدين حضور الأصوات الخالدة كعطاءات لها وقعها وصداها وتأثيرها في صناعة الملامح الثقافية للبلاد .

 

         لا نريد لروّادنا أن يلفهم النسيان , ولا نريد للدوائر المعنيّة أن تبتعد عن مسؤولياتها في إحياء تراث رموزنا الفنية , في الغناء والتمثيل , والموسيقى , وربما كانت محاولات أداء مسلسلات درامية عن بعض رموز الغناء , تمثل جانبا من الوفاء للذاكرة , إلا أنها وحدها لا تكفي , فهي تشير إلى جزء من حياة الفنان وشخصيته وعلاقاته الانسانية , وهي أمور مهمة حتما , لكننا نحتاج إلى جانب ذلك , المزيد من النوافذ والاطلالات , وإعادة تسجيل الأعمال الخالدة والتعريف بها كي يعرف الجيل الجديد قيمتها الفنية , والحضارية أيضا , كونها قد ارتبطت بوقائع وأحداث وخطاب سياسي وفكريّ معين أدّى إلى تأثرها كلمات وألحانا وحتى غناء بهذه المؤثرات .

 

         إن البلدان  التي تمتلك تأريخا حضاريا مهما , تحاول أن تستنطق هذه التاريخ في كلّ خطوة تخطوها باتجاه المستقبل , مستفيدة ومعرّفة وفخورة بما قدمته عبر ماضيها , مهما كان هذا الماضي , فهو يمثل تراكما يؤدي إلى تحقيق الفائدة والعبرة , وكذلك إلى جذور كل ممارسات المجتمع والبلاد , في السياسة والاقتصاد والممارسات الاجتماعية .

 

         هي دعوة , لكل المعنيين بالثقافة والتراث , أن نحيي , تراثنا وأن نعيد له الروح وأن نعرّف بروّادنا , الذين زرعوا بذور الطيب في أرض الثقافة , وصنعوا ملامح الحياة بأجمل معانيها .

المشـاهدات 160   تاريخ الإضافـة 23/09/2024   رقم المحتوى 53819
أضف تقييـم