السبت 2024/12/21 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 9.95 مئويـة
على ورق الورد العراق دراميا منذر عبد الحر
على ورق الورد العراق دراميا منذر عبد الحر
فن
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

         كتبت ُ مرة موضوعا حمل عنوان "العراق في السينما المصرية" تناولت فيه ضيق الأفق والقصدية المريضة في تناول العراق في السينما المصرية , وكذلك أشرت ُ حينها إلى النظرة الفوقية من قبل العاملين في السينما المصرية للعراق وأبناء شعبه , وأؤكد هنا أن قضية العراق وتناوله , ليس في السينما المصرية حسب وإنما في كل الأعمال الفنية والثقافية التي تصدر عن مصر , ولعل مسلسل " فرقة ناجي عطا الله " أنموذج حيّ وحاضر على الرؤية القاصرة والابتعاد عن الحقيقة والاستخفاف بالعراق وقدرات أبنائه وكيفية تعاملهم مع واقعهم سواء كان سياسيا أم اجتماعيا أم ثقافيا .

 

         وقد أطلت  علينا الدراما المصريّة بعمل جديد , يتناول قضية عراقية بحتة , لا أدري كيف تعامل مع مفردات أسرارها , والمسلسل هو " منزل صدام" , وقد عرضت الحلقات الأولى منه , وسيقدّم هذا المسلسل الفرد العراقي , بصورة لا تناسب وضعه الطبيعيّ الذي عاشه أبان النظام السابق , الذي شهد قسوة ومعاناة , وكذلك لم يخفت فيه الابداع , وصدرت أعمال فنية وثقافية مهمة , أدانت الوضع السائد ونظرت إلى الواقع بمنظار متقدم ,.ز فاق كلّ الفن المصري , الذي تسبقه هالات الدعاية والاعلام وبالونات التضخيم والتطبيل , ولعل خير شاهد على ذلك الأعمال المسرحية التي قدمت وأبرزها "الذي ظل في هذيانه يقظا" و"الناس والحجارة" و" الباب" و"ليلة موت شاعر" وعشرات الأعمال المتقدمة في الرؤية والمعالجة , لا أظن مسرحية مصرية تقف أزاء أيّ من هذه المسرحيات , وهذا الأمر لا مزايدة فيه , ولا تجنيا على أحد , لكنها الحقيقة الساطعة الواضحة وضوح الشمس , ولا أريد هنا التطرّق إلى الابداعات الثقافية بمجملها , وبضمنها الفن التشكيلي والآداب والفكر , فلهذا الأمر حديث آخر , لكنني هنا أتطرّق للتناول الساذج للعراق من قبل الدراما المصرية , مبتعدين بذلك عن أزماتهم وقضاياهم التي يعانيها المجتمع المصري , وأخوتنا الأشقاء المصريّون , وهي قضايا كثيرة وحساسة ومهمة ومباشرة , لا تتطلب من الفنانين المصريين البحث والتنقيب والاستعانة بنشرات أخبار تبثّها فضائيات مسمومة مريضة تشوّه فيها معالم المجتمع العراقي , وتسفّه دور الفرد العراقي ضمن نسيج الأحداث .

 

         لا أريد هنا التقليل من شأن وفاعلية الدرما المصريّة , فهي المهيمنة الاعلامية الأولى في واقعنا العربي , رغم منافسة الدراما السورية والتركية لها في السنوات  الأخيرة , إلا أنها تظل الدراما الرائدة والمؤثرة التي تشكّل معها وعينا في الادراك الفني والانتباه لمعالم السينما والمسرح والتلفزيون من خلالها , حد أنها شكّلت أو نسجت لنا الصور الذهنية والصور النمطية لعدد من الشخصيات والمعالم التاريخية , ولكنها في توجهها لتناول القضية العراقية أخطأت في التقدير , وأساءت للفرد العراقي بقصد أو بدونه .

 

         لست ُ هنا داعيّا للتخصص الثقافي والفني في تناول القضايا العامّة , لكنني مع الدقة في التشخيص والتعامل مع الفرد والمجتمع كمفردات لصناعة العمل الفني , ومحاولة البحث والتنقيب الجدي عن طبيعة الحادثة أو الواقعة التي يسعى العاملون في المجال الفني لتناولها , كي لا تغيّب الحقائق ولا تشوّه المعالم , ولا يستهان بالعراق الأصيل العريق صاحب أول كلمة خطّتها البشريّة ورائد الحضارات ومثال القيّم النبيلة , وباني الثقافة الأصيلة , وصاحب أرقى الشيم والصفات الانسانية على مرّ تأريخه .

 

         فمن الغريب أن يبدو الفرد العراقي – في الأعمال الدرامية المصرية – فردا قلقا ضعيف الشخصية , ساذج التفكير سطحي في وعيه , بل هو على العكس من ذلك , وعلى الذي يريد تناوله , أن يبحث جيدا في الواقع ويتعرّف على حقيقة العراق وشعبه وقضاياه  الحساسة .

المشـاهدات 126   تاريخ الإضافـة 06/10/2024   رقم المحتوى 54479
أضف تقييـم