الخميس 2024/11/21 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 22.95 مئويـة
grave أو القبر
grave أو القبر
مسرح
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

هو عنوان العرض المسرحي الذي شاهدنا على خشبة مسرح الرشيد ليلة التاسع من هذا الشهر تشرين الاول/ أكتوبر. قُدِّمَ هذا العمل من قبل شبيبة فرقة الرقص التعبيري التابعة لدائرة السينما والمسرح، والذين سناتي على ذكر أسماهم تباعا. ولكن بودي ان اتوقف، قبل كل شيء، على العنوان Grave والذي يعني القبر مترجم من اللغة الانجليزية، بينما يختلف معناها جذريا باللغة الفرنسية حيث تعني خطير او شائك وتطلق على الصوت الغليظ ايضا. والعودة لجذر الكلمة فهي مشتقة من اللاتينية 'gravis' والإغريقية 'graphein' وتعني 'ثقيل' و'كتابة' على التوالي، ومنها جاءت الگرافيك، وفي الانجليزية هي المكان الذي يحتضر فيه الموتى، مما يجعله جاف وخطير. وبالتالي تعني القبر او اللحد. وفي البروشور الخاص بالمسرحية لا توجد كلمة " قبر"، بل حلت محلها GRAVE باللون الأحمر على خلفية سوداء! دخلت في هذه التفاصيل لأخلص الى ان المؤلف ( محمد مؤيد) حاول أن يخفف من ثقل العنوان على المتلقي ولذلك حاول أن يستبدله باللغة الإنجليزية ويبدو انه خيرا فعل! ففي الوضع الذي يمر به الواقع العربي من مآسي  والمجازر، التي يرتكبها الصهاينة في فلسطين ولبنان وسوريا، وصور الموت اليومية، التي تبثها مختلف القنوات،فما حاجتنا لحضور عمل مسرحي تحت مسمى القبر! وكانت إشارة المخرج محمد كاظم في كلمته المثبتة على فولدر العرض بمثابة مفتاح لفهم الرسالة المتوخاة فهو يحاول ان يربط بين الشهادة والموت من جانب، ومن جانب اخر محاولة لتكريم ضحايا الحروب والارهاب: " لقد وجدنا قبرا يأوينا ما حال الذين تلاشت اجسادهم، وبقوا ذكرى انفجار، ومن ماتوا في الحروب وبقيت اجسادهم تحت الحطام، اين مزارهم، اين دفنوا، اين يسكنون. ربما القبر أجمل".في هذا العمل وفي معظم الأعمال التي تعتمد على التعبير الجسدي نجد أنفسنا امام سؤال جوهري عام: هل يمكن للجسد ان يكون بديلا للغة؟ اعتقد اننا لا يمكن أن نجد جوابا حاسما لان ذلك يتوقف على ثلاثة مفاصل اساسبة وهي الفكرة والمضمون والتجسيد، ويتوقف المفصل الاخير " التجسيد" في العرض التعبيري الراقص على قدرة جسد الممثل بالتواصل مع المتلقي بالحركة اللينة. الرشيقة المبدعة، وهذا ما استطاع الممثلون تحقيقه إلى حد كبير في هذا العمل مبتعدين عن الحركات الرياضية السهلة، الجسد في العمل المسرحي يحتاج  إلى البنية الرياضية ونقلها إلى البناء الدرامي الإبداعي بمساعدة المخرج المايسترو الذي يعرف كيف يحرك ممثليه ليس كقطع شطرنج، بل ككائنات إبداعية لا تقبل الخداع، لان الجسد، بعكس اللغة، فهو لا يكذب بردود أفعاله! وهكذا كانت حركات المجموعة المنسابة كجدول صغير والطيعة كأنها طينة بيد نحات، استطاعت ان تحافظ على ايقاعها سواء كمجموعة او كل على انفراد. ولا بد هنا أن أشير للممثلة الوحيدة في هذا العرض تبارك حامد، التي عبرت عن قدرة جميلة في تجسيد شخصيتها بجسدها المطواع وردود أفعالها الصحيحة والاستفادة القصوى من شعرها الطويل الاسود كانه ليل يتكئ على نهار قادم!وكانت ثقتها العالية بجسدها ساعدها في ان تكون حركاتها ذات انسيابية موزونة ومريحة للبصر. ومع لمسات المؤلف  والدراماتورج الفنان محمد مؤيد، وصحبها الآخرين من الممثلين محمد كاظم واحمد جميل وسجاد الاوسي ومصطفى قاسم ونور الدين اسماعيل ومحمد علي وعباس فوزي. استطاعوا باجسادهم الشبابية إيصال رسالتهم الابداعية للجمهور، الذي وقف يصفق طويلا، تحية لهم. واذا كانت ثمة ملاحظات على هذا العرض المسرحي فهو تكرار او إطالة بعض المشاهد التي كان من الممكن الاستغناء عنها او اختصارها لكي يكون العرض " ملموما" اكثر. وبقي ان نشير الي مشهد رقصة " المولوي" الصوفية والتي اخذت حيزا من الوقت، فإننا نرى بأنها كانت خارج سياق هذا العرض المسرحي، إذ انها لا تحمل الدلالات التي ارادها المخرج او صانعو هذا العرض الراقص  الجميل. فالرقص كما يقول الشاعر رياض النعماني:

 

" حب ، فرح ، نشوة ، إنعتاق ،

 

بياض بياض بياض الى ما لا نهاية".

المشـاهدات 52   تاريخ الإضافـة 22/10/2024   رقم المحتوى 54763
أضف تقييـم