الأربعاء 2024/10/23 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 20.95 مئويـة
انفتاح النص دون الاضرار بعملية البناء في ... نادي الحفاة دراسة نقدية
انفتاح النص دون الاضرار بعملية البناء في ... نادي الحفاة دراسة نقدية
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 يوسف عبود جويعد

لمجموعة القصصية " نادي الحفاة" للقاص ضاري الغضبان، الحائزة على جائزة الطيب صالح الدورة الحادية عشرة، تمتاز بأسلوب جديد في تناول النص السردي القصصي، الذي طالما اعتدنا على أن نتابعه وبصيغته المكثفة ويدور في كنف حدث واحد ضيق الأفق، حيث أن هذه المجموعة قد تجاوزت هذا النمط من القص ومنح القاص أبعاد وحرية أكبر وأوسع في فن صناعة القصة القصيرة، بكل جرأة وإصرار على تجاوز السياق المتبع، فالحدث القصصي في هذه النصوص يحتوي علة إنفتاح مدهش نحو المرئيات والمرويات والشيئات اللذان يحيطان لمبنى السرد واعتبارها حالة ضرورية ومكملة، للخروج من النص المغلق في العملية التكثيفية، الى نص مفتوح على مساحة أكبر دون الاخلال بالركائز الاساسية في عملية بناء القصة القصيرة، وأهمها التكثيف.

ولكي نلم بأسلوب القاص ضاري الغضبان، في إتقانة مهمته في عملية بناء النص القصصي، علينا تحليل نماذج قصصية من هذه المجموعة.

ومن خلال الإهداء هذا المستهل الأول، الذي يمنحنا عتبة نصية موازية يجعلنا نستشف من خلاله، عالم هذه المجموعة القصصية، التي تناولت المهمشين والحفاة والكادحين حيث يقول فيها " الى / الجنود المجهولين... أولئك الذين يُوشمون وجه الأرض ببصماتِ أقدامهم الحافية... الكادحين بدونَ كللٍ أو شكوى، لكنهم يصنعون الفارق. "

ولكي نطلع على هذا الانفتاح في النص القصصي، وقدرة القاص على  القيام بتوسيع النص  واعطاءه مساحة وأحداث متشابكة ومتداخلة متصلة مع الحدث القصصي المركزي، وكذلك ما يحيطه من مرويات وشيئات ومرئيات كحالة مكملة لأعطاء النص حالة من الانبهار والدهشة، والالمام الكامل بمنى السرد وحكايته، سوف نضطر الى اقتطاع مستهل القصة ونقلها قبل الولوج في أحداث القصة القصيرة " مصنعُ السعادةِ" :

" تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي على الدعوة ضد الأشخاص الثلاثة ، والتهم الموجهة ضدهم التي اختلف حولها سكان المدينة، اتهامات من قبيل إيواء الهاربات من بيوت ذويهن أو مبيت لصوص في البيت المعروف بمصنع السعادة الذي يسكنه ويديره الثلاثة المثيرون للجدل، سواء بطريقة عيشهم أو علاقاتهم ومن أكثر التهم إثارة هي: السماح للسكن المختلط بين النساء والرجال في موقع واحد، في مدينة يسودها عرف اجتماعي وديني محافظ" (ص 7 )

 

وهكذا نلاحظ ومنذ البداية هذه الانطلاقة الحرة في السرد، وسنتابع تفاصيل أكثر عمقاً وأكثر غزارة وأكثر كثافة في متابعة الاحداث.

وبالرغم من هذه المجموعة تمتاز بطول القصة القصيرة عن تلك التي اعتدنا عليها، ولكننا سوف نكتشف أن ذلك الطول بسبب ضرورات فنية لتقديم نص قصصي متطور.

وهكذا سوف نشهد تفاصيل سردية كبيرة وعميقة ومكثفة، أما القصة القصيرة " لِصُّ الأبواب المواربة" فسوف نتابع بذات النسق الفني المتبع من القاص، لص يفتش عن الابواب المواربة او المفتوحة للدخول والسرقة، لكن هذا النص يأخذنا لحكايات تلك البيوت التي يدخل اللص من أجل السرقة وما يحدث فيها.

أما القصة القصيرة " ناخي الحافي" فسنتابع من خلالها بتلك الموجة المشحونة بكثافة الاحداث واتساعها ، شخصية " ناخي الحافي" والذي إسمه ناجي لكن هذه النقطة طفرت فوق ليكون ناخي ويطلق عليه هذه الاسم، بسبب مساعدة للناس والانتخاء به لحل مشاكلهم.

والقصة القصيرة " نادي الحفاة" فنكون مع بقعة معشوبة بمساحة خضراء يرتادها الناس من كل الاصناف، بعد نزع ما ينتعلون ودسها بين الحشيش، وهكذا سمي نادي الحفاة، تدور فيه احداث كبيرة تخص حياة الناس في هذه البقعة وغيرها.

وفي القصة القصيرة " هجرة الحواس" التي تميل الى الطابع الرمزي، نتابع حكاية الكلاب التي تم طردها وعادت من جديد، وهجران الحواس من أهالي هذه المدينة:

" رجعت الكلاب منذ أيام، تلك التي تخلصنا منا سابقاً، عادت وهي تنبح وزتطرق على الابواب بشكل مُتكرر ، الكلاب التي جوعناها وطردناها سابقاً، لعدم مسايرتها لتطورنا الجديد، فهاهي ترجع تساعدنا، نحن فقط نسمعها، بعد ان فقدنا جميع حواسنا إلا السمع، فقد خسرنا الحواس بالتدريج بالتزامن مع صعود روائح غريبة من فوهات المجاري وأفواهنا على حد سواء، ثم أصبحنا لا نشم ولا نتذوق، تلاها فقداننا للنظر، وأصبح النطق ثقيلاً على ألسنتنا وأخيراً فقدنا اللمس تلاه شعورنا بالاختناق." (ص 91 )

وهكذا ورغم سياقها الفنتازي، الا أنها غارقة بالرمزية والتأويل، ونعيش تفاصيل كبيرة وسط الدهشة الانبهار وكثافة العملية السردية .

وهكذا وبعد مرورنا ببعض من نماذج القصة القصيرة، لهذه المجموعة التي اتسمت بطابع التطور واجتياز القوالب الضيقة في فن صناعة القصة القصيرة، حيث منحت للقارئ سمة دخول الى عالم اوسع من ذي قبل في متابعة النصوص القصصية الزاخرة المزدحمة باحداث مرتبطة ارتباطاً مع سير الاحداث الرئيسية، لنكتشف من خلالها أن من يحاول تقديم أنماط جديدة من هذا الفن دون المساس بأسس وركائز وادوات وعناصر فن صناعة القصة القصيرة .

من اصدارات الشركة السودانية الهاتف السيار (زين) لعام 2021

المشـاهدات 24   تاريخ الإضافـة 22/10/2024   رقم المحتوى 54795
أضف تقييـم